تفسير سورة الأعراف (الحلقة 24)
الأسماء الحسنى وبناء الفرد المسلم والدولة الشاهدة
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين؛ أما بعد:
فقد قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ * أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ * مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف: 180 - 186].
لئن سُئلتُ: بأيِّ آيِ القرآن الكريم وسوره يبدأ المعلم تدريسَه الناشئَةَ؟ لم أتردد في اقتراح البدء بآيات العقيدة من السور المكية؛ لأنها نقطة البدء في دين المرء ودنياه، ولأن أول خطاب من الله تعالى نزل للبشرية على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مكيًّا ومستجيبًا لأشد حاجات الإنسان في الدنيا والآخرة، ولارتكازها على بيان عقيدة التوحيد الخالدة وتبليغها وتربية الناس عليها، وهي نقطة البدء في أي عبادة مبرورة أو عمل جليل، وأول خطاب تلقاه آدم من ربه قبيل وصوله إلى الأرض متضمنًا وعده ووعيده ومنهج دينه؛ بقوله تعالى: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123، 124]، وقوله عز وجل: ﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ [الأعراف: 24].
ذلك هو الشعور الذي تملكني وقد كلفت سابقًا من قبل وزارة التعليم في المغرب بمراجعة مناهج التعليم، وما اقترحته برنامجًا عمليًّا للتدريس فلم يكتب له التنفيذ، ونفس الشعور الذي طالما ألح عليَّ، ثم اشتد إلحاحه متدبرًا ومتفكرًا في سورة الأعراف، وقد تكامل فيها بناء النفس المؤمنة الموقنة بربها، العارفة بدورها في الحياة ومآلها بعد الممات، وغطت مسيرة الإنسان في تفاعله مع العقيدة وعمله بأحكامها وثباته عليها وصراعه من أجلها، أو كفره بها وجحوده وتنكره لها، من يوم مولده إلى يوم بعثه ونشوره دخولًا للجنة أو وقوفًا في الأعراف أو ارتكاسًا في الجحيم - أعاذنا الله منها - ومن أول آية كريمة افتتحت بها، فنفت حرجًا، وأنذرت عاصيًا، وذكَّرت مؤمنًا؛ بقوله تعالى: ﴿ المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 1، 2]، إلى آخر آية جمعت بين يدي الله عز وجل عباده من أرباب المقامات السامية والدرجات العليا في طمأنينة سجود محبةٍ وطاعةٍ، وخشوع وخضوعٍ، وتسبيح أبدي يسع الكون وما حوى، إنسًا وجنًّا وملائكة وخلقًا مما لا يعلمون؛ في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف: 206]، وقوفًا على جوهرة التوحيد فيها وواسطة عِقْدها في قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180]، وهي الآية الكريمة التي نقف على مشارفها في هذا التفسير، يعرِّف بها الله تعالى نفسه لعباده ويعلِّمهم بها أمثل ما يعبدونه به، وأرجى ما به يدعون، لا سيما والعابد الحق لا تستقيم عبادته ما لم يعرف معبوده، والأجير لا ينال أجرهما ما لم يكن مخدومه مليئًا قادرًا على الوفاء بالأجر؛ ولذلك جاءت هذه الآية الكريمة معرِّفة بالله تعالى خالقنا بحق ومعبودنا بيقين، ووصفت أسماءه بالحسنى، ولفظ "الحسنى" تأنيث لاسم التفضيل "أحسن"؛ أي: أحسنها وأجملها وأكملها، وجاءت في الفترة المكية التأسيسية للمجتمع المسلم، وقد ران على البشرية الجهل بربها، أو تصوره على غير حقيقته، أو دعاؤه بغير اسمه، أو إنكار وجوده مطلقًا، والأمة الشاهدة الناشئة في أشد الحاجة إلى ما ترد به على شبهات الجاهلية وأضاليل المعاندين، جاءت مركزة شديدة الإيجاز جامعة مانعة توفر لتاليها ودارسها ومتدبرها التصور الإيماني السليم، وتصرفه بذلك عن كل أبواب الشرك الظاهر والخفي، وعززتها آيتان مكيتان في نفس الفترة المكية هما قوله تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسراء: 110]، وقوله عز وجل: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 8]، ثم نزل تذكيرًا بها وتوسعًا في شرحها، وبيانًا لآفاق ما تشير إليه في الفترة المدنية في سورة الحشر بقوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 22 – 24]، فاستنارت بذلك قلوب، وأبصرت أعين، وسمعت آذان، وتمت الحجة البالغة، واجتبى الله من عباده للجنة من شاء، ولم يبقَ مجال لجهل المذبذبين أو المشككين، أو المشبهين أو المؤولين أو الملحدين؛ لأن قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ ورد جملة اسمية من مبتدأ مؤخر هو: ﴿ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾، وخبر هو شبه الجملة: ﴿ لِلَّهِ ﴾، والواو في أولها حرف عطف أفاد معنى الاستئناف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والأسماء الحسنى بذلك توقيفية تفيد الحصر، لا يدعى الله إلا بها؛ أي: إنها أسماء حسنى له وحده، هو المتصف بحقيقتها ولا شريك له فيها.
الأسماء الحسنى وبناء الفرد المسلم والدولة الشاهدة
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين؛ أما بعد:
فقد قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ * أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ * مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف: 180 - 186].
لئن سُئلتُ: بأيِّ آيِ القرآن الكريم وسوره يبدأ المعلم تدريسَه الناشئَةَ؟ لم أتردد في اقتراح البدء بآيات العقيدة من السور المكية؛ لأنها نقطة البدء في دين المرء ودنياه، ولأن أول خطاب من الله تعالى نزل للبشرية على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مكيًّا ومستجيبًا لأشد حاجات الإنسان في الدنيا والآخرة، ولارتكازها على بيان عقيدة التوحيد الخالدة وتبليغها وتربية الناس عليها، وهي نقطة البدء في أي عبادة مبرورة أو عمل جليل، وأول خطاب تلقاه آدم من ربه قبيل وصوله إلى الأرض متضمنًا وعده ووعيده ومنهج دينه؛ بقوله تعالى: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123، 124]، وقوله عز وجل: ﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ [الأعراف: 24].
ذلك هو الشعور الذي تملكني وقد كلفت سابقًا من قبل وزارة التعليم في المغرب بمراجعة مناهج التعليم، وما اقترحته برنامجًا عمليًّا للتدريس فلم يكتب له التنفيذ، ونفس الشعور الذي طالما ألح عليَّ، ثم اشتد إلحاحه متدبرًا ومتفكرًا في سورة الأعراف، وقد تكامل فيها بناء النفس المؤمنة الموقنة بربها، العارفة بدورها في الحياة ومآلها بعد الممات، وغطت مسيرة الإنسان في تفاعله مع العقيدة وعمله بأحكامها وثباته عليها وصراعه من أجلها، أو كفره بها وجحوده وتنكره لها، من يوم مولده إلى يوم بعثه ونشوره دخولًا للجنة أو وقوفًا في الأعراف أو ارتكاسًا في الجحيم - أعاذنا الله منها - ومن أول آية كريمة افتتحت بها، فنفت حرجًا، وأنذرت عاصيًا، وذكَّرت مؤمنًا؛ بقوله تعالى: ﴿ المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 1، 2]، إلى آخر آية جمعت بين يدي الله عز وجل عباده من أرباب المقامات السامية والدرجات العليا في طمأنينة سجود محبةٍ وطاعةٍ، وخشوع وخضوعٍ، وتسبيح أبدي يسع الكون وما حوى، إنسًا وجنًّا وملائكة وخلقًا مما لا يعلمون؛ في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف: 206]، وقوفًا على جوهرة التوحيد فيها وواسطة عِقْدها في قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180]، وهي الآية الكريمة التي نقف على مشارفها في هذا التفسير، يعرِّف بها الله تعالى نفسه لعباده ويعلِّمهم بها أمثل ما يعبدونه به، وأرجى ما به يدعون، لا سيما والعابد الحق لا تستقيم عبادته ما لم يعرف معبوده، والأجير لا ينال أجرهما ما لم يكن مخدومه مليئًا قادرًا على الوفاء بالأجر؛ ولذلك جاءت هذه الآية الكريمة معرِّفة بالله تعالى خالقنا بحق ومعبودنا بيقين، ووصفت أسماءه بالحسنى، ولفظ "الحسنى" تأنيث لاسم التفضيل "أحسن"؛ أي: أحسنها وأجملها وأكملها، وجاءت في الفترة المكية التأسيسية للمجتمع المسلم، وقد ران على البشرية الجهل بربها، أو تصوره على غير حقيقته، أو دعاؤه بغير اسمه، أو إنكار وجوده مطلقًا، والأمة الشاهدة الناشئة في أشد الحاجة إلى ما ترد به على شبهات الجاهلية وأضاليل المعاندين، جاءت مركزة شديدة الإيجاز جامعة مانعة توفر لتاليها ودارسها ومتدبرها التصور الإيماني السليم، وتصرفه بذلك عن كل أبواب الشرك الظاهر والخفي، وعززتها آيتان مكيتان في نفس الفترة المكية هما قوله تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسراء: 110]، وقوله عز وجل: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 8]، ثم نزل تذكيرًا بها وتوسعًا في شرحها، وبيانًا لآفاق ما تشير إليه في الفترة المدنية في سورة الحشر بقوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 22 – 24]، فاستنارت بذلك قلوب، وأبصرت أعين، وسمعت آذان، وتمت الحجة البالغة، واجتبى الله من عباده للجنة من شاء، ولم يبقَ مجال لجهل المذبذبين أو المشككين، أو المشبهين أو المؤولين أو الملحدين؛ لأن قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ ورد جملة اسمية من مبتدأ مؤخر هو: ﴿ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾، وخبر هو شبه الجملة: ﴿ لِلَّهِ ﴾، والواو في أولها حرف عطف أفاد معنى الاستئناف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والأسماء الحسنى بذلك توقيفية تفيد الحصر، لا يدعى الله إلا بها؛ أي: إنها أسماء حسنى له وحده، هو المتصف بحقيقتها ولا شريك له فيها.
تعليق