• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البلاء ومدافعة القدر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البلاء ومدافعة القدر

    الوسَط والاعتدال أوسع مجالًا، وأفضل خيارًا، أسْلم للمرء، وأهدأ للبال، وأطيب للنفس، وأضمن للنتيجة، به جاء الدين، وحثَّ عليه سيدُ المرسلين عليه وعلى آله أزكى الصلاة، وأتَمُّ التسليم.
    مِن فضْله وكماله جعله الله صفةً للأمة المحمَّدية في مُجملها، وجعله مزيَّة في بعض عباده على وجه التخصيص عطاءً ربَّانيًّا
    تجدُ الآخذ به والسائر في طريقه والمُستمسِك بأسبابه - موفَّقًا رَزينًا حكيمًا، قلَّ أن يزلَّ أو يَضِلَّ، أو يُضِلَّ أو يندم، بينما تجد المتنكِّب طريقَه واقعًا في كل مُنعرَجٍ، مُتعثِّرًا في أكثرِ المُستقيم، ما إنْ يرى حتى تغشاه الضبابية، سيْرُه خَبَبٌ، ونُصْحُه عَتَبٌ، والمصيبة الكبيرة أنه يفعل وحاله: ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 104]، هذا لا يستريح ولا يُريح، وكم هبَّت الريْح من بابه، وجلَب اللأواءَ لأهله وأصحابه
    ما أجمل وأكمل قوله صلى الله عليه وسلم مُوجِّهًا ومبيِّنًا ومُحذِّرًا: ((إن هذا الدين متينٌ - أي: صُلب شديد - فأَوْغِلوا - أي: سِيروا فيه - برفقٍ))، ولا تَحمِلوا على أنفسكم ما لا تُطيقونه، فتَعجِزوا وتتركوا العمل.
    وحين نتكلَّم عن الوسط والاعتدال؛ فإن ذلك يشْمل كلَّ أمور الحياة ما لم يكن نهيًا أو حرامًا؛ إذْ هذا يُجتنب كليَّةً كما هو معلوم، وليس هو ما نبغي الإشارة إليه لوضوحه.
    الوسَط والاعتدال:
    في الدين، في الاجتهاد والطاعة، في الفكْر والقناعة، في الأخلاق والسلوك، في التعامل والمعاملة، في النقد والنصيحة، في الرأي والظن، في الأخذ والعطاء.. إلخ.
    قل لي: ماذا فعل مَن ظنَّ أنه سيعبُد الله أكثر من عبادة الأنبياء؛ هل سيفعل أو يبلُغ؟ ومن سار بالضدِّ من ذلك أيضًا؛ حتى قال: أولئك أنبياء الله، ومَن يقدر أن يفعل مثلهم؛ حتى ترك الفريضة والواجب، وردَّد بلا عقلٍ راجح أو علمٍ راسخ: (الله غفور رحيم)؛ اتِّكالًا على تقصيره، وتبريرًا لتعبيره.
    قل لي: أين وصل من أخذ بكل العزائم حتى لكأنَّها فرضٌ، وترك كلَّ الرُّخَص، حتى رآها في حقِّه كالعيب، وربَّما نظر إلى الآخرين بهذا المنظار؟ ومَن سار بالضدِّ أيضًا؛ فحسِب الدِّينَ كلَّه رُخْصةً، وعاش حياته كلَّها رخيصًا
    قلْ لي: أين وصل شأنُه؟ وأين انتهى به المطاف مَن عُرِف بتعصُّبه لرأيه أو لقومه؟! حتى لكأن الله جعلهم له دليلًا، وجعله عليهم وكيلًا.. ومَن سار بالضدِّ من ذلك؛ فترك الحِجا والمبدأ والقيمة والمروءة حتى صار إمَّعةً؛ كي يُحسَبَ على الجميع، ويُرى في أعين الجميع مثالًا للتعايش والسلام والانفتاح
    قلْ لي: ماذا وجدَ من أعماه الحرصُ على المال، وزاده البُخل لؤمًا؛ حتى قتَّر على نفسه، وضيَّق على أهله، وأتعَب مَن حوله؟! ومَن سار بالضدِّ من ذلك؛ فكلَّما جمَع فرَّق، وكلَّما وفَّر ذرَّ، وليْتَه يفعل ذلك في سبيل البقاء المحسوب، واليوم الموعود، ولكنَّه يُنفقه في غير محلِّه، وربَّما استفاده من غيره بلا تعبٍ، فتراه يَصْرفه في غير مظانِّه بلا حساب
    ومِن هؤلاءِ صِنفٌ يجدُ كلَّ ما يفعله لنفسه واجبًا، وكل ما يحصل عليه من قبل الآخرين غنيمةً؛ حتى يَحرِص على سَلْب غيره اللقمةَ والرقعة والفلس، وبأيِّ طريقة، بينما يرى مَن يحرِص مِن الآخرين على الحقِّ غيرَ مُحقٍّ، ومَن يطلبُ ماله منْه لجوجًا
    قلْ لي: إلى أين انتهى مَن أَسِدَ في بيته وفَهِدَ، وأظهَر في زوجته وأولاده كلَّ رجولته كما يحسب، فلم يَعرفْه أهلهُ بالهشِّ والبشِّ، ولم يستخدم فيهم إلا البطْشَ؟! ومَن سار بالضدِّ مِن ذلك، فترك الحبل على غاربه، واهتمَّ بعمله وغَدْوته، ونَسِيَ رَوْحته ومصدر راحته، وَفَّرَ لزوجته وأولاده المأكل والمشرب والملبس، ونَسِيَهم عن عدا كلِّ ذلك، حتى شرَّق مَن شرَّق منهم، وغرَّب مَن غرَّب، فإنْ لم يَصْحُ هذا بعدُ، فلا أرى له صحْوًا، وإن لم يستيقظْ مِن سُباته فلا أظنُّ له بعد ليله نهارًا
    تعالوا أضرِبْ لكم بعض الأمثلة مما رأيناه وسمعناه:
    زوجةٌ تتمنَّى أن يخرج زوجُها من البيت أو يسافر، أو يتغرَّب، أو حتى يموت؛ لأنَّه زادها رَهَقًَا، وخيَّب ظنَّها، وربَّما رفَعت عليه وعلى أهلها أَكُفَّ الدعاء، بعد أن وصلتْ معه إلى مرحلة العجز، ونفاد الصبْر ... وأولئك أولادٌ أوصلهم الأصْل إلى بُغْضه، فكأنه ليس أباهم، بل عدوٌّ لهم، وما صنَعوا به كذلك، وإنما هو مَن جنى عليهم، وعلى نفسه للأسف
    ذلك رجلٌ آتاه الله مالًا، وبسَط له في رزقه، يشتري لنفسه ما لا يحتاج إليه، ويتباهى بما عنده وما هو عليه، فإذا ما وجد مُحتاجًا اشْمَأزَّ منْه، ولا يُمكن أن يتنازل عن ريالٍ واحدٍ في موقفٍ يستحقُّ أو لا يستحق، وكم تراه واقفًا أمام بائع الخَضْروات المسكين يُساومه على الفلس والفلسين، حتى يَغلبه في آخر المطاف، ويعود بما أخذه منه مُنتشيًا بالنصر والظفر، يَصعد سيَّارته الفارهة، تاركًا البائع المغلوب على أمره فاغرًا فاه من الدهشة والغَبْن والنِّقمة.
    الأمثال كثيرة، والوقائع أكثر، والكلام لا ينتهي، والمهمُّ هو الانتباه كما ينبغي، وكل شخصٍ ربَّما لديه من هذا شاهدٌ أو ذاك؛ إمَّا في نفسه، أو فيمن حوله، أو مما يراه ويسمعه كما نرى ونسمع ونعايش، فقِيسوا الناس بالحقِّ، ولا تَقيسوا الحقَّ بالناس، ومَن فعَل ذلك فأجدرُ به أن يكون وسَطًا والسلام
    التعديل الأخير تم بواسطة ام خالد; الساعة Jul-22-2018, 02:31 PM.





  • #2
    بارك الله فيكم وجزاكم خيرا على هذا الطرح الجميل

    تعليق


    • #3
      مشكووووووووووو ع المرور




      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك..

        تعليق


        • #5

          تعليق

          يعمل...
          X