المصاهرة بين موسى وشعيب عليهما السلام بين النفي والإثبات
هل صاهر موسى شعيبًا النبي عليهما السلام؟ يقول الله تعالى: ï´؟ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ï´¾ [القصص: 27، 28].لقد اختلف المفسرون وأصحاب السير في هذه المسألة؛ فمنهم من يثبت المصاهرة بين الرسولين موسى وشعيب، ومنهم من ينفي ذلك، ويستبعد لقاءهما من الأصل. أما المؤيدون، فإنهم يحاولون إثبات تلك المصاهرة، ويبرهنون على ذلك بأدلة:♦ قال القرطبي: "وأكثر الناس على أنهما ابنتا شعيب عليه السلام، وهو ظاهر القرآن؛ قال الله تعالى: ï´؟ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ï´¾ [الأعراف: 85]، كذا في سورة الأعراف، وفي سورة الشعراء: ï´؟ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ï´¾ [الشعراء: 176، 177]، قال قتادة: بعث الله تعالى شعيبًا إلى أصحاب الأيكة وأصحاب مدين"[1].♦ ذكر القشيري أن شعيبًا لَما استأجر موسى قال له: ادخل بيت كذا وخُذ عصا من العِصي التي في البيت، فأخرج موسى عصا، وكان أخرجها آدم من الجنة، وتوارثها الأنبياء حتى صارت إلى شعيب، فأمره شعيب أن يلقيها في البيت، ويأخذ عصا أخرى، فدخل وأخرج تلك العصا، وكذلك سبع مرات كل ذلك لا تقع إلا تلك، فعلم شعيب أن له شأنًا"[2].♦ أخرج ابن ماجه والبزار عن عقبة بن المنذر السلمي قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ سورة طسم حتى إذا بلغ قصة موسى، قال: "إن موسى آجر نفسه ثماني سنين أو عشرًا على عفة فرجه وطعام بطنه، فلما وفَّى الأجل....."، قيل: يا رسول الله، أي الأجلين قضى موسى؟ قال: "أبرهما وأوفاهما، فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه"[3]، وسيأتي الكلام على الفقرتين السابقتين ضمن هذا المقال بمشيئة الله.♦ قال مجاهد والضحاك والحسن: "هو شعيب النبي عليه السلام"[4].♦ قال ابن كثير في قصص الأنبياء: "قيل: هو شعيب عليه السلام، وهذا هو المشهور عند كثيرين، وممن نص عليه: الحسن البصري ومالك بن أنس، وجاء مصرحًا به في حديث، ولكن في إسناده نظر، وصرح طائفة أن شعيبًا عليه السلام عاش عمرًا طويلًا بعد هلاك قومه حتى أدركه موسى عليه السلام وتزوَّج بابنته"[5].♦ قال صاحبا تفسير الجلالين: "قال تعالى: ï´؟ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ï´¾ [القصص: 25]؛ أي: واضعة كمَّ درعها على وجهها حياءً منه: ï´؟ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ï´¾ [القصص: 25]، فأجابها منكرًا في نفسه أخذ الأجرة، كأنها قصدت المكافأة إن كان ممن يريدها، فمشت بين يديه، فجعلت الريح تضرب ثوبها فتكشف ساقيها، فقال: امشي خلفي ودُليني على الطريق، ففعلت إلى أن جاء أباها وهو شعيب عليه السلام"[6].• وأما المخالفون للرأي السابق، فإنهم يؤكدون أن الذي صاهره موسى ليس شعيبًا النبي، وإنما هو رجل آخر.♦ قال القرطبي: ï´؟ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلى اسْتِحْياءٍ ï´¾، قيل: جاءته ساترةً وجهَها بكمِّ درعها؛ قاله عمر بن الخطاب، وروى أن اسم إحداهما "ليا"، والأخرى" صفورية" ابنتا "يثرون"، ويثرون هو شعيب عليه السلام، وقيل: ابن أخي شعيب، وأن شعيبًا كان قد مات[7].قال الطبري: " وأما أبوهما ففي اسمه خلاف، فقال بعضهم: كان اسمه يثرون، وعن أبي عبيدة قال: كان الذي استأجر موسى ابن أخي شعيب يثرون، وقال آخرون: بل اسمه يثربى، عن ابن عباس قال: الذي استأجر موسى يثرى صاحب مدين، وعن شعيب الجبئي قال: اسم الجاريتين ليا وامرأة موسى صفورا ابنة يثرون كاهن مدين والكاهن حبر[8].♦ عن الحسن قال: "يقولون: شعيب صاحب موسى، ولكنه سيد أهل الماء يومئذ"[9].♦ قال أبو جعفر: وهذا - يعني كونه شعيبًا عليه السلام - مما لا يدرك علمه إلا بخبر، ولا خبر بذلك تجب حجته، فلا قول في ذلك أولى بالصواب مما قاله الله جل ثناؤه: ï´؟ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ï´¾ [القصص: 23][10].♦ أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن عبدالله بن مسعود قال: "كان صاحب موسى أثرون ابن أخي شعيب النبي، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: "الذي استأجر موسى يثرى صاحب مدين"، وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عنه قال: "كان اسم ختن موسى يثرى"، وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال: "يقول أناس: إنه شعيب، وليس بشعيب، ولكنه سيد الماء يومئذ"[11].♦ قال وهب بن منبه وسعيد بن جبير: هو يثرون ابن أخي شعيب، وكان شعيب قد مات قبل ذلك بعد ما كُفَّ بصرُه، فدفن بين المقام وزمزم، وقيل: رجل ممن آمن بشعيب[12].♦ فى قصص الأنبياء لابن كثير: "روى ابن أبي حاتم وغيره عن الحسن البصري أن صاحب موسى عليه السلام هذا اسمه شعيب، وكان سيد الماء، ولكن ليس بالنبي صاحب مدين، وقيل: كان ابن أخي شعيب، وقيل: ابن عمه، وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب، وقيل: رجل اسمه يثرون؛ هكذا في كتب أهل الكتاب: يثرون كاهن مدين؛ أي: كبيرها وعالمها، وقال ابن عباس وأبو عبيدة بن عبدالله: اسمه يثرون، زاد أبو عبيدة: وهو ابن أخي شعيب، وزاد ابن عباس: صاحب مدين[13].♦ قال ابن كثير في تفسيره: "وقال آخرون: بل كان ابن أخي شعيب، وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب، وقال آخرون: كان شعيب قبل زمان موسى عليه السلام بمدة طويلة؛ لأنه قال لقومه: ï´؟ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ ï´¾ [هود: 89]، وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل عليه السلام بنص القرآن، وقد عُلم أنه كان بين الخليل وموسى عليه السلام مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحد، وما قيل: إن شعيب عاش مدة طويلة إنما هو والله أعلم احتراز من هذا الإشكال"[14].هكذا احتدم الخلاف بين الفريقين، والسؤال الآن: أي فريق منهما إلى الصواب أقرب؟بالنظر إلى أدلة الفريق الأول الذي يحاول إثبات أنه شعيب النبي عليه السلام، نرى أنه يستشهد بما لا دليل على صحته؛ مثل: قول القشيري بأن موسى استخرج من بيت شعيب عصا، وهي العصا التي أخرجها آدم من الجنة وتوارثها الأنبياء! هكذا يرد الخبر، دون سند أو دليل، وأما قول القرطبي: وأكثر الناس على أنهما ابنتا شعيب عليه السلام وهو ظاهر القرآن، واستشهاده بقول الله تعالى: ï´؟ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ï´¾ [الأعراف: 85]، كذا في سورة الأعراف، وفي سورة الشعراء: ï´؟ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ï´¾ [الشعراء: 176، 177]، واستشهاده كذلك بقول قتادة: "بعث الله تعالى شعيبًا إلى أصحاب الأيكة وأصحاب مدين، فهذا ما لا خلاف عليه، فمعلوم أن الله تعالى بعث شعيبًا إلى أصحاب الأيكة
الألوكة
هل صاهر موسى شعيبًا النبي عليهما السلام؟ يقول الله تعالى: ï´؟ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ï´¾ [القصص: 27، 28].لقد اختلف المفسرون وأصحاب السير في هذه المسألة؛ فمنهم من يثبت المصاهرة بين الرسولين موسى وشعيب، ومنهم من ينفي ذلك، ويستبعد لقاءهما من الأصل. أما المؤيدون، فإنهم يحاولون إثبات تلك المصاهرة، ويبرهنون على ذلك بأدلة:♦ قال القرطبي: "وأكثر الناس على أنهما ابنتا شعيب عليه السلام، وهو ظاهر القرآن؛ قال الله تعالى: ï´؟ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ï´¾ [الأعراف: 85]، كذا في سورة الأعراف، وفي سورة الشعراء: ï´؟ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ï´¾ [الشعراء: 176، 177]، قال قتادة: بعث الله تعالى شعيبًا إلى أصحاب الأيكة وأصحاب مدين"[1].♦ ذكر القشيري أن شعيبًا لَما استأجر موسى قال له: ادخل بيت كذا وخُذ عصا من العِصي التي في البيت، فأخرج موسى عصا، وكان أخرجها آدم من الجنة، وتوارثها الأنبياء حتى صارت إلى شعيب، فأمره شعيب أن يلقيها في البيت، ويأخذ عصا أخرى، فدخل وأخرج تلك العصا، وكذلك سبع مرات كل ذلك لا تقع إلا تلك، فعلم شعيب أن له شأنًا"[2].♦ أخرج ابن ماجه والبزار عن عقبة بن المنذر السلمي قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ سورة طسم حتى إذا بلغ قصة موسى، قال: "إن موسى آجر نفسه ثماني سنين أو عشرًا على عفة فرجه وطعام بطنه، فلما وفَّى الأجل....."، قيل: يا رسول الله، أي الأجلين قضى موسى؟ قال: "أبرهما وأوفاهما، فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه"[3]، وسيأتي الكلام على الفقرتين السابقتين ضمن هذا المقال بمشيئة الله.♦ قال مجاهد والضحاك والحسن: "هو شعيب النبي عليه السلام"[4].♦ قال ابن كثير في قصص الأنبياء: "قيل: هو شعيب عليه السلام، وهذا هو المشهور عند كثيرين، وممن نص عليه: الحسن البصري ومالك بن أنس، وجاء مصرحًا به في حديث، ولكن في إسناده نظر، وصرح طائفة أن شعيبًا عليه السلام عاش عمرًا طويلًا بعد هلاك قومه حتى أدركه موسى عليه السلام وتزوَّج بابنته"[5].♦ قال صاحبا تفسير الجلالين: "قال تعالى: ï´؟ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ï´¾ [القصص: 25]؛ أي: واضعة كمَّ درعها على وجهها حياءً منه: ï´؟ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ï´¾ [القصص: 25]، فأجابها منكرًا في نفسه أخذ الأجرة، كأنها قصدت المكافأة إن كان ممن يريدها، فمشت بين يديه، فجعلت الريح تضرب ثوبها فتكشف ساقيها، فقال: امشي خلفي ودُليني على الطريق، ففعلت إلى أن جاء أباها وهو شعيب عليه السلام"[6].• وأما المخالفون للرأي السابق، فإنهم يؤكدون أن الذي صاهره موسى ليس شعيبًا النبي، وإنما هو رجل آخر.♦ قال القرطبي: ï´؟ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلى اسْتِحْياءٍ ï´¾، قيل: جاءته ساترةً وجهَها بكمِّ درعها؛ قاله عمر بن الخطاب، وروى أن اسم إحداهما "ليا"، والأخرى" صفورية" ابنتا "يثرون"، ويثرون هو شعيب عليه السلام، وقيل: ابن أخي شعيب، وأن شعيبًا كان قد مات[7].قال الطبري: " وأما أبوهما ففي اسمه خلاف، فقال بعضهم: كان اسمه يثرون، وعن أبي عبيدة قال: كان الذي استأجر موسى ابن أخي شعيب يثرون، وقال آخرون: بل اسمه يثربى، عن ابن عباس قال: الذي استأجر موسى يثرى صاحب مدين، وعن شعيب الجبئي قال: اسم الجاريتين ليا وامرأة موسى صفورا ابنة يثرون كاهن مدين والكاهن حبر[8].♦ عن الحسن قال: "يقولون: شعيب صاحب موسى، ولكنه سيد أهل الماء يومئذ"[9].♦ قال أبو جعفر: وهذا - يعني كونه شعيبًا عليه السلام - مما لا يدرك علمه إلا بخبر، ولا خبر بذلك تجب حجته، فلا قول في ذلك أولى بالصواب مما قاله الله جل ثناؤه: ï´؟ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ï´¾ [القصص: 23][10].♦ أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن عبدالله بن مسعود قال: "كان صاحب موسى أثرون ابن أخي شعيب النبي، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: "الذي استأجر موسى يثرى صاحب مدين"، وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عنه قال: "كان اسم ختن موسى يثرى"، وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال: "يقول أناس: إنه شعيب، وليس بشعيب، ولكنه سيد الماء يومئذ"[11].♦ قال وهب بن منبه وسعيد بن جبير: هو يثرون ابن أخي شعيب، وكان شعيب قد مات قبل ذلك بعد ما كُفَّ بصرُه، فدفن بين المقام وزمزم، وقيل: رجل ممن آمن بشعيب[12].♦ فى قصص الأنبياء لابن كثير: "روى ابن أبي حاتم وغيره عن الحسن البصري أن صاحب موسى عليه السلام هذا اسمه شعيب، وكان سيد الماء، ولكن ليس بالنبي صاحب مدين، وقيل: كان ابن أخي شعيب، وقيل: ابن عمه، وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب، وقيل: رجل اسمه يثرون؛ هكذا في كتب أهل الكتاب: يثرون كاهن مدين؛ أي: كبيرها وعالمها، وقال ابن عباس وأبو عبيدة بن عبدالله: اسمه يثرون، زاد أبو عبيدة: وهو ابن أخي شعيب، وزاد ابن عباس: صاحب مدين[13].♦ قال ابن كثير في تفسيره: "وقال آخرون: بل كان ابن أخي شعيب، وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب، وقال آخرون: كان شعيب قبل زمان موسى عليه السلام بمدة طويلة؛ لأنه قال لقومه: ï´؟ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ ï´¾ [هود: 89]، وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل عليه السلام بنص القرآن، وقد عُلم أنه كان بين الخليل وموسى عليه السلام مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحد، وما قيل: إن شعيب عاش مدة طويلة إنما هو والله أعلم احتراز من هذا الإشكال"[14].هكذا احتدم الخلاف بين الفريقين، والسؤال الآن: أي فريق منهما إلى الصواب أقرب؟بالنظر إلى أدلة الفريق الأول الذي يحاول إثبات أنه شعيب النبي عليه السلام، نرى أنه يستشهد بما لا دليل على صحته؛ مثل: قول القشيري بأن موسى استخرج من بيت شعيب عصا، وهي العصا التي أخرجها آدم من الجنة وتوارثها الأنبياء! هكذا يرد الخبر، دون سند أو دليل، وأما قول القرطبي: وأكثر الناس على أنهما ابنتا شعيب عليه السلام وهو ظاهر القرآن، واستشهاده بقول الله تعالى: ï´؟ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ï´¾ [الأعراف: 85]، كذا في سورة الأعراف، وفي سورة الشعراء: ï´؟ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ï´¾ [الشعراء: 176، 177]، واستشهاده كذلك بقول قتادة: "بعث الله تعالى شعيبًا إلى أصحاب الأيكة وأصحاب مدين، فهذا ما لا خلاف عليه، فمعلوم أن الله تعالى بعث شعيبًا إلى أصحاب الأيكة
الألوكة
تعليق