• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وقفات حول آية: ﴿ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ﴾

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وقفات حول آية: ﴿ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ﴾

    وقفات حول آية:

    ﴿ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ


    قال الله تعالى: ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غافر: 3].هذه آية من كتاب الله العزيز الرحيم تكشف لنا عن بعض صفاته تعالى، واللافت ورودها متتالية في نسقٍ عجيب يأخذ القلوب أخذًا نحو ربها الحق؛ بحيث أمكنها تسليم إليه ورضا برب كريم هذه بعض صفاته وتلك بعض نعوته.ذلك أنه تعالى وصف نفسه بصفات ست لا يجد العبد أمامها سوى الرضا والإذعان لمن هذه صفاته؛ لأنه غافر الذنب قابل التوب، شديد العقاب ذو الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، والآية بهذا النظم الفريد تبدو كأنها تقول لنا نحن معشر البشر: هذا هو ربُّكم الحق.والبيان بأنه غافر الذنب يشي بتضمن معاني العزة لمعاني الرحمة يقينًا، وهذه من تفرُّدات الكتاب الحكيم في بيانه لصفات وأسماء رب العالمين؛ كما قال: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم ﴾ [المائدة: 118].على أنه تعالى قد وصف ذاته الكريمة بأنه غافر، فدلَّ على أن حمده لنعت كهذا يجعل العبد مطمئنًّا إلى رب رحيم غافر الذنب، وهو وضع يشحذ هِمم المكلومين بجروح المعاصي أن يفرُّوا إلى الله؛ لأنه قال: (إذا تقرَّب العبد إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إليَّ ذراعًا تقرَّبت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولةً).ودلالة اسم الفاعل من (غافر) تملأ الكون الفسيح مغفرةً؛ لأنها تحمل بين جنباتها إمطارًا للناس بالمغفرة رحمة بهم وفضلًا، وهكذا ليعلم الناس أن ربهم الحق يعاملهم بلُطفه ورحمته وعدله، وله عباد ضعفاء: ﴿ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ [الإسراء: 57]، فهم بين رجاء لرحمته وخوفٍ مِن نِقمته، لكنهم مستمسكون بوعده الصدق الكريم: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25].والآية كلها ثناء على ذي الجلال، ومنه نفيد مدحًا واجبًا لله شكرًا لإنعامه؛ لأنه المنعم لكل نعمة، وحمدًا لامتنانه؛ لأنه ذو المن بكل مِنَّةٍ، وقد كان من سير المؤمنين المدح لمولاهم ووفير الثناء على بارئهم؛ لأنه اتصف بصفات الكمال، وتسمَّى بأسماء الجلال.ونلفت إلى مجيء لفظ (الذنب) مفردًا معرفًا؛ ذلك لأنه يشي باشتماله جميع الذنوب، وإن جاء مفردًا، فضلًا وظنًّا حسنًا للمسلم بإنعامه، خاصة إذا مررنا في طريقنا على آية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وتوجيه الطبري رحمه الله تعالى يوضح توضيحًا جميلًا؛ حيث قال: ﴿ غافِرِ الذَّنْبِ ﴾، ولم يقل: الذنوب؛ لأنه أُريد به الفعل.وفعل الذنب يدل على إمكان وقوع الذنب من عبد ضعيف تَفتنه هنا نظرة، أو يبتلى هناك بوعكة إثم من مستنقع الذنوب ليجد ربًّا رحيمًا!وثبوت المغفرة واستمرارها أيضًا دال على إمكان وقوع أي امرئ في وحل الذنوب غير مرة؛ ليجد محوًا لإثمه وإماطة لذنبه كلما هوى، ليعود نشيطًا إلى الطاعة غير كسلان، راجيًا رحمة رب كريم هو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، وكأن المغفرة دافع قوي للنهوض من غفلة، والاستيقاظ من غفوة لا كمن زعم امتطاء المعاصي من كل سبيل تواكلًا واستهتارًا؛ ذلك أن المعاصي إذا ما عرفت طريقها إلى قلب امرئ، تهافتت عليه تهافت البعوض، فلربما نكتت في قلبه نكتة سوداء، ويخشى عليه إذًا أن يكون كالكوز مجخيًّا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، ومنه يحذر المؤمن درك المعاصي وأوحال الآثام؛ لأن معظم النار من مستصغر الشرر، وربُّنا غافر الذنب وقابل التوب.وإن من دلالات اسم الفاعل غافر وقابل وما أشبههما شمولها الأزمنة الثلاثة الماضي والمضارع والمستقبل، حتى لكأن المسلم ليشعر معها بأمن ربِّه له، وإحاطته له، وحفظه ومغفرته ورضوانه؛ كي ينطلق لأداء دوره المنوط به في العبادة، وإعمار الأرض راضيًا آمنًا مطمئنًّا إلى عفو رب كريم يحب العفو أبدًا، محتسبًا فعله الحق، وقوله الحسن على ربه سبحانه؛ كيما ينال أجره من الله، وكأني بهاتين الصفتين ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ ﴾ [غافر: 3] تحثان المسلم على استدعاء العمل الخلاب والتفاني والإخلاص، حياءً من الله غافر الذنب وقابل التوب؛ إذ في حسه أن ذا الفضل لفضله لا يخالَف عن عمدٍ ولا يعصى على جهرة، فحقه الحياء من مبارزته بإثم وإن دقَّ، ولأنه تعالى قيوم أبدًا، وتلك صفته فهو غافر الذنب أبدًا، وذلك نعته وهو قابل التوب أبدًا، وهذا شأنه سبحانه؛ إذ لَمَّا كان ربنا سبحانه متسميًا بالغفار، فهو موصوف كونه غافر الذنب، ولأنه التواب فكان نعته قابل التوب.
    ونلمح هنا إلى فضل الحكمة في دعوة الناس، وكيف يمكن تخلُّل قلوبهم بالموعظة الحسنة المؤثرة، متشوفين خيرًا في هداهم، ومستشرفين تقواهم، فدوافع الخير في النفس كثيرة غالبة على نوازع الشر فيها.بقي توفيقه تعالى لمن يُحسن قرع باب عاص بإحسان؛ لينال ظفرًا به نيلًا لفوز ورغبة لتوفيق.ومجيء صفاته تعالى متعددة في هذه الآية مسبوقة بذكره اسمه الكريم (الله) علمًا عليه تعالى، ومنه نفيد تبعية الصفات للموصوف، وسبقه عليها؛ إمعانًا في تأكيد أنه بها موصوف وحده سبحانه؛ كما قال تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحشر: 22].ونعته تعالى نفسه بأنه غافر الذنب موجبٌ للمرء حياءً منه كما قلت، دافع إلى الإقلاع عن الذنوب والآثام، وشكره لذلكم فضل واجب.
    الألوكة

  • #2
    بارك الله فيك
    وبورك في جهودك الطيب
    ووفقك الرحمن لكل خير
    ولا حرمك الله الاجر والثواب




    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيكم وجزاكم خيرا

        تعليق


        • #5

          تعليق

          يعمل...
          X