أحكام العيد وصلة الأرحام
إن المسلمَ المخلصَ لله في دينه، المتبعَ لسنةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، عنده أعمالٌ التي أُنيطت به يوم العيد؛ فِطْرًا كان أو أضحى، فهو يعملُ بما يعلمُ من هديِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم، مبتدئًا بالاغتسالِ والتطيُّبِ، والتصبُّحِ على تمراتٍ إن كان عيدَ فطر، قبل الخروج إلى المصلى، والاستعدادُ للخطبةِ وصلاة العيد، واستقبالُ التهاني من المصلين، والرجوعُ إلى بيته، سالكًا غيرَ الطريقِ التي جاء منها، مهنِّئًا أهلَه وأولادَه، ويأكلُ من أضحيته بعد الصلاة إن كان في عيد الأضحى، ويخرجُ زائرا لأرحامه، وأقاربه وجيرانه، وأصحابه ورفاقه، يبتغي بذلك وجهَ الله تعالى، لينالَ رضاه ويفوزَ بالجنة، وليكونَ قدوةً يقتدى به.
فالأعياد جعلها الله سبحانه لهذه الأمّة للتنفيس عنها، ومنحِها شيئا من اللهو المباح في يومين من كل عام، في الفطر والأضحى، وذلك لما ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: كَانَ لأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، قَالَ: "كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الأَضْحَى" سنن النسائي (1556).
وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضي الله عنه - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى "أي أيام عيد الأضحى" تَضْرِبَانِ بِدُفَّيْنِ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسَجّىً عَلَيْهِ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا، فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجْهَهُ، فَقَالَ: "دَعْهُنَّ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ". وَقَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ "أي في يوم عيد"، حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَسْأَمُ، فَأَقْعُدُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللهْوِ. مسند أحمد (41/ 88، رقم 24541).
(في هذا الحديث من الفوائد: مشروعيةُ التوسعة على العيال في أيام الأعياد؛ بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس، وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الإعراض عن ذلك أولى، وفيه أن إظهار السرورَ في الأعياد من شعار الدين..) من حاشية مسند أحمد ط الرسالة (41/ 90).
إنه مسلم لا يشغله هذا اللهو عن الواجبات، وتفقُّدِ الأرحام والمساكين واليتامى.
إنه مسلم متمسك بإسلامه وسنة نبيه، لا يقطع أرحامه، طيلة العام؛ فيصلهم في الأعياد فقط، بل صلةُ الرحم عنده بين الفَينة والفَينة، لأنه يقرأ قولَ اللهِ سبحانه: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾. [النساء: 1]، وقوله تعالى: ﴿ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾. [الأنفال: 75]، وهذه وصايا من الله جل جلاله بالأرحام، فاتقى الله جل جلاله فيهم، وجعل لهم الأولويةَ عند الاختيار.
إنه يعلم قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". البخاري (2067)، لذلك هو من الذين وسع الله عليهم في أرزاقهم في الدنيا والآخرة، وبارك لهم في أعمارهم وآجالهم، وكافأهم على صلة أرحامهم.
إنه يخاف من تحذير الله سبحانه من قطيعة الأرحام، وهي موجودة بكثرة في هذا الزمان، فقاطع رحمه من الذين ﴿ يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾. [البقرة: 27]، فقطيعة الرحم مرتبطة بالفساد والإفساد، فبالإعراض عن دين الله والتولي عن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينشأ الإفساد وتعمُّ القطيعة، قال سبحانه: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾. [محمد: 22، 23].
ورد (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ"، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾. [محمد: 22]. البخاري (4830).
إنه يعلم صلة الرحم؛ إنها ﴿ الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَقَارِبِ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْوَاصِلِ وَالْمَوْصُولِ؛ فَتَارَةً تَكُونُ بِالْمَالِ، وَتَارَةً بِالْخِدْمَةِ، وَتَارَةً بِالزِّيَارَةِ وَالسَّلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ﴾[1].
أما قطيعة الرّحم: هي أن يعقّ الإنسان أُولى رحمه وذوي قرابته فلا يصلهم ببرّه ولا يمدّهم بإحسانه. ويختلف ذلك بحسب حال القاطع والمقطوع، فتارة يكون ذلك بمنع المال، وتارة بحجب الخدمة والزّيارة والسّلام، وغير ذلك. (نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم) (11/ 5330).
إن المسلمَ المخلصَ لله في دينه، المتبعَ لسنةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، عنده أعمالٌ التي أُنيطت به يوم العيد؛ فِطْرًا كان أو أضحى، فهو يعملُ بما يعلمُ من هديِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم، مبتدئًا بالاغتسالِ والتطيُّبِ، والتصبُّحِ على تمراتٍ إن كان عيدَ فطر، قبل الخروج إلى المصلى، والاستعدادُ للخطبةِ وصلاة العيد، واستقبالُ التهاني من المصلين، والرجوعُ إلى بيته، سالكًا غيرَ الطريقِ التي جاء منها، مهنِّئًا أهلَه وأولادَه، ويأكلُ من أضحيته بعد الصلاة إن كان في عيد الأضحى، ويخرجُ زائرا لأرحامه، وأقاربه وجيرانه، وأصحابه ورفاقه، يبتغي بذلك وجهَ الله تعالى، لينالَ رضاه ويفوزَ بالجنة، وليكونَ قدوةً يقتدى به.
فالأعياد جعلها الله سبحانه لهذه الأمّة للتنفيس عنها، ومنحِها شيئا من اللهو المباح في يومين من كل عام، في الفطر والأضحى، وذلك لما ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: كَانَ لأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، قَالَ: "كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الأَضْحَى" سنن النسائي (1556).
وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضي الله عنه - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى "أي أيام عيد الأضحى" تَضْرِبَانِ بِدُفَّيْنِ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسَجّىً عَلَيْهِ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا، فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجْهَهُ، فَقَالَ: "دَعْهُنَّ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ". وَقَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ "أي في يوم عيد"، حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَسْأَمُ، فَأَقْعُدُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللهْوِ. مسند أحمد (41/ 88، رقم 24541).
(في هذا الحديث من الفوائد: مشروعيةُ التوسعة على العيال في أيام الأعياد؛ بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس، وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الإعراض عن ذلك أولى، وفيه أن إظهار السرورَ في الأعياد من شعار الدين..) من حاشية مسند أحمد ط الرسالة (41/ 90).
إنه مسلم لا يشغله هذا اللهو عن الواجبات، وتفقُّدِ الأرحام والمساكين واليتامى.
إنه مسلم متمسك بإسلامه وسنة نبيه، لا يقطع أرحامه، طيلة العام؛ فيصلهم في الأعياد فقط، بل صلةُ الرحم عنده بين الفَينة والفَينة، لأنه يقرأ قولَ اللهِ سبحانه: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾. [النساء: 1]، وقوله تعالى: ﴿ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾. [الأنفال: 75]، وهذه وصايا من الله جل جلاله بالأرحام، فاتقى الله جل جلاله فيهم، وجعل لهم الأولويةَ عند الاختيار.
إنه يعلم قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". البخاري (2067)، لذلك هو من الذين وسع الله عليهم في أرزاقهم في الدنيا والآخرة، وبارك لهم في أعمارهم وآجالهم، وكافأهم على صلة أرحامهم.
إنه يخاف من تحذير الله سبحانه من قطيعة الأرحام، وهي موجودة بكثرة في هذا الزمان، فقاطع رحمه من الذين ﴿ يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾. [البقرة: 27]، فقطيعة الرحم مرتبطة بالفساد والإفساد، فبالإعراض عن دين الله والتولي عن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينشأ الإفساد وتعمُّ القطيعة، قال سبحانه: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾. [محمد: 22، 23].
ورد (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ"، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾. [محمد: 22]. البخاري (4830).
إنه يعلم صلة الرحم؛ إنها ﴿ الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَقَارِبِ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْوَاصِلِ وَالْمَوْصُولِ؛ فَتَارَةً تَكُونُ بِالْمَالِ، وَتَارَةً بِالْخِدْمَةِ، وَتَارَةً بِالزِّيَارَةِ وَالسَّلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ﴾[1].
أما قطيعة الرّحم: هي أن يعقّ الإنسان أُولى رحمه وذوي قرابته فلا يصلهم ببرّه ولا يمدّهم بإحسانه. ويختلف ذلك بحسب حال القاطع والمقطوع، فتارة يكون ذلك بمنع المال، وتارة بحجب الخدمة والزّيارة والسّلام، وغير ذلك. (نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم) (11/ 5330).
تعليق