• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير قوله تعالى: ﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير قوله تعالى: ﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاس

    تفسير قوله تعالى:

    ﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى
    قال تعالى: ﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ * وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ * كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 26 - 29].
    المناسبة: بعد أن سَاقَ الله تعالى قصة داود نبَّه إلى مكانته عنده، واصطفائه له، وأن منزلتَه بعد الفتنة والتوبة منها كمنزلته قبلها، وأن فتنته لم تسلب خلافته. القراءة: قرأ الجمهور: (يَضلون) بفتح الياء، وقرئ بضمها، وقرأ الجمهور: (مبارك) بالرفع، وقرئ (مباركًا) على النصب، وقرأ الجمهور: (ليَدَّبروا) بالياء وتشديد الدال، وقرئ: (ليَتَدَبَّروا)، وقرئ: (لتَدَبروا) بالتاء وتخفيف الدال.
    المفردات: (خليفة) أي مستخلفًا على الملك والحكم بين الناس، بمعنى: نصَّبْنَاكَ حاكمًا لتنفيذِ أوامرنا، (بالحق) بالعدل، (الهوى) ميل النفس إلى شهوتها ولو عَارَضَ الشرع، وقد يراد به الشيء المهوي، كما في قول جعفر بن علبة:
    هَوَايَ مَعَ الرَّكْبِ الْيَمَانِينَ مُصْعِدٌ *** جَنِيْبٌ وجُثْمَانِي بمكَّةَ مُوثَقُ
    (يضلك): يَصرفك ويُبعدك، (سبيل الله) طريقه المستقيم، (شديد) شاق، (نسوا) تركوا بمعنى: أنهم لم يذكروه ولم يعملوا، (يوم الحساب) يوم القيامة والنقاش والجزاء، (خلقنا): أَنْشَأْنَا وأَوْجَدْنَا، (باطلًا) لعبًا وعبثًا وبلا حكمة، (ذلك) إشارة إلى خلقها للعب والعبث وعدم الحكمة. (ظن الذين كفروا)؛ أي: مظنونهم الخاطر ببالهم والقائم بنفوسهم، (فويل): فهلاك ودمار، أو هو وَادٍ في جهنم، (مبارك)؛ أي: كثير المنافع، (ليدبروا): ليتأملوا وينظروا، (وليتذكر): وليتعظ، (أولو الألباب) أصحاب العقول. التراكيب: قوله تعالى: ﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ يجوز أن يكون مستأنفًا لبيان زلفاه، ويجوز أن يكون مقولًا لقول مقدر معطوف على غفرنا، والكاف: مفعول أول لجعلنا، و(خليفة) المفعول الثاني، وقوله: ﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ الفاء تفريعية، وقد فرع الأمر بالحكم على ما سبقه؛ لأن جعله خليفة يقتضي الحكم بالعدل. والمرادُ بالأمر: مداومة داود للحكم بالحق، وتنبيه من ولي أمورَ الناس أن يحكمَ بينهم بالحق، وهو عليه السلام لا يحكم إلا بالحق، وكذلك قوله: (ولا تتبع الهوى) نهيٌ له، يقصد منه المداومة على ترك اتباع الهوى، وتنبيه لغيره ممن ولي أمور الناس ألا يتبع في حكمه الهوى، وقوله: ﴿ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بنصب المضارع بأن مضمرة بعد فاء السببية لِكَوْنِه في جواب النهي، ويجوز أن تكون الفاء للعطف على النهي، وإنما فتحت اللام لأجل التقاء الساكنين. والفاعل في (فيضلك) ضمير الهوى أو اتباع الهوى، وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تعليل لما قبله ببيان غائلته، وكان مقتضى الظاهر أن يقول: "إن الذين يضلون عنه"، ولكنه أظهر في موضع الإضمار فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لزيادة التقرير، والإيذان بكمال شناعة الضلال عنه. وقوله: ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ لهم: خبر مقدم، وعذاب: مبتدأ مؤخر، وشديد: صفته، والجملة في محل رفع خبر إن، والباء في قوله: (بِمَانَسُوايَوْمَالْحِسَابِ) سببية، و(ما) مصدرية، ويوم الحساب: مفعول لنسوا، والمعنى: لهم عذاب شديد لعدم ذكرهم يوم الحساب، ويكون قوله: "بما نسوا يوم الحساب" تعليلًا صريحًا لثبوت العذاب الشديد لهم بنسيانهم يوم الحساب، وقيل: إن (يوم الحساب) ظرف لقوله: (لهم)، ففي الكلام تقديم وتأخير، والأصل: لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا، وعليه فمفعول نسوا محذوف مفهوم من السياق تقديره: بما نسوا سبيل الله، والأول أولى. ومَن قرأ (يُضلون) بضم الياء فهي على حذف المفعول، وقوله: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا كلام مستأنف لتقرير مضمون ما قبله من أمر الحساب، ويجوز أن تكون الجملة في موضع الحال من فاعل نسوا، وقد جيء بها لتفظيع أمر النسيان، كأنه قيل: بما نسوا يوم الحساب حالة وجود دلائله ووضوح حقيقته، و(باطلًا) منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف أي خلقًا باطلًا، ويجوز أن يكون حالًا؛ أي: مبطلين أو ذوي باطل، كما يجوز أن يكون مفعولًا لأجله أي لأجل الباطل، والإشارة بقوله: (ذلك ظن) راجعة إلى كون خلقها باطلًا. والكفار - وإن أقروا أن الله خالق السماوات والأرض - ظانون أن خلق ذلك ليس لحكمة، وأنها خلقت عبثًا ولعبًا؛ ولذلك قال تعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115]، وقوله: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مبتدأ وخبر، والجملة دعائية، والفاء لإفادة ترتيب ثبوت الويل لهم على ظنهم الباطل، وكان مقتضى الظاهر أن يقول: (فويل لهم)، وإنما وضع الاسم الموصول موضع الضمير لإشعار جملة الصلة؛ بسبب استحقاقهم الويل، ومِن في قوله: (من النار) بمعنى في، وقيل: تعليلية، كما في قوله: ﴿ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ [البقرة: 79]؛ أي: فويل لهم بسبب النار المترتبة على ظنهم وكفرهم، وأم في قوله: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ منقطعة بمعنى (بل) وهمزة الإنكار والإضراب للانتقال من تقرير أمر البعث والحساب بنفيه خلق العالم لغير حكمة، إلى تقريره وتحقيقه بما في الهمزة من إنكار التسوية بين الفريقين، ونفيها على أبلغ وجه وآكده. وقوله تعالى: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ يجوز أن يراد بهذين الفريقين عين الأولين، ويكون التكرار باعتبار وصفين آخرين هما أَدْخَلُ في إنكار التسوية من الوصفين الأولين، ويجوز أن يكون انتقالًا من إثبات الحساب بلزوم استحالة التسوية بين الفريقين المذكورين على الإطلاق، إلى إثباته بلزوم ما هو أَظْهَرُ منه استحالةً؛ وهو التسوية بين أتقياء المؤمنين وفَجَرة الكافرين. وقوله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُستأنَف لبيان ما ترسم به الطريق التي يكون سالكوها مِن أهل السعادة يوم الحساب، وفي ذكر الكتاب هنا بهذا الوصف تنبيه إلى أن القصة السابقة فيها كفاية لأصحاب العقول، ولقريش لو كانوا يعقلون، ومع ذلك يذكر بعدها بعض القصص إمعانًا في النصح، ومبالغة في الإعذار، وفيه إشارة إلى إعجازهم بالقرآن وتحديهم به. و(كتاب) خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هذا الكتاب، و(أنزلناه) صفته، وقوله: (مبارك) على قراءة الرفع يصح أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف أيضًا، أو هو خبر ثانٍ، ولا يجوز أن يكون نعتًا ثانيًا عند الجمهور؛ لأن الكثير الغالب أن يتقدم الوصف الصريح على غير الصريح، وعلى غير الغالب يجوز أن يعرف مبارك وصفًا ثانيًا، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 54]. وقرئ (مباركًا) بالنصب على أنه حالٌ من مفعول أنزلناه، وهي حال لازمة؛ لأن البركة لا تفارقه، وقوله: (ليدبروا) متعلق بـ(أنزلنا)، وضمير الفاعل في (ليدبروا) لأولي الألباب على سبيل التنازع مع إعمال الثاني، أو للمؤمنين والمفسدين، ومن قرأ (لتدَّبَّروا) فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وعلماء المسلمين. المعنى الإجمالي: يا داود إنا نَصَّبْنَاكَ حاكمًا لتنفيذ أوامرنا؛ فافصل في قضايا الناس بالعدل، واتبع نظام الشرع، ولا تخضع لميول نفسك وما تهوى؛ فإن الهوى يَحيدُ بك عن صراط الله المستقيم ومنهجه القويم، إن الذين يحيدون عن صراط الله المستقيم، وينسون يوم الحساب العظيم، قد هُيِّئَ لهم عقابٌ قاسٍ لا يخطر على البال، ولا يدور في الخيال؛ بسبب تركهم العمل ليوم محاسبة الخلائق على ما قدموا؛ إن يومَ الحساب كائنٌ لا محالة؛ لأنه لو لم يكن حسابٌ ولا بعثٌ لكان خلق السماوات والأرض وسائر العوالم عبثًا ولعبًا؛ لأنها تكون حينئذ إنما خلقت للفناء، ولا يخطر هذا إلا ببال الجاحدين الأشقياء، فالهلاك والدمار أو واد في جنهم يكون لهؤلاء الجاحدين. إنه لو لم يكن بعث ولا حساب لاستوى الصالح والمفسد، والتقي والفاجر، ولا يمكن لعاقل أن يسوي بينهما؛ فشتان بين من يغض طرفه إن بدت له جارته، وبين من ينهب النساء للخنا والفجور، وشتان بين من يمد يد المساعدة والإنفاق للفقراء والمساكين، ومن يمد يده لنهب أموال اليتامى والمستضعفين. هذا كتاب أوحينا به إليك، كثير الخيرات، عظيم المنافع، لا تفارقه البركة أبدًا؛ أنزلناه ليتفكروا في آياته، وينظروا في عجائبه وبدائعه، وليَتعظ أصحاب العقول. ما ترشد إليه الآيات: 1- إن داودَ من خلفاء الله في الأرض. 2- وجوبُ الحكم بالعدل. 3- عدم جَوازِ الحكم بغير كتاب الله. 4- الحكمُ بغير كتاب الله يسبب شقاء العاجلة والآجلة.. 5- البعثُ حق ولا بد منه. 6- منكرُ البعث يرى أن خلقَ العالم لعب. 7- لا يُنكرُ البعثَ إلا كافر. 8- إنكارُ البعثِ تسويةٌ بين الصالحين والمفسدين. 9- القرآنُ كثيرُ الخيرات، جليلُ المنافع، لا ينأى عنه إلا محروم. 10- يجب تدبُّر القرآن. 11- لا يتعظ به إلا أصحاب العقول. 12- في القصةِ السابقةِ كفاية لو كانوا يعقلون.




    الألوكة



    التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم; الساعة Apr-23-2019, 11:30 AM.

  • #2

    تعليق


    • #3

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خير وكتب لك الاجر ..

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً

            احترامي وتقديري

            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك
              وبورك في جهودك الطيب
              ووفقك الرحمن لكل خير
              ولا حرمك الله الاجر والثواب




              تعليق

              يعمل...
              X