في أحد المعارض التي كنت مشارك فيها ، أبلغني أحد المنسقين لهذا المعرض أن الكلمة لابد أن تكون باللغة الإنجليزية ، فقلت له سمعاً وطاعة ، حضرت وأحمل معي مخطوطتي بالطباعة الإلكترونية الجميلة وبأجمل الألوان والأوراق وشرائح البور بوينت وجميعها باللغة الإنجليزية .
بدأ المعرض ببرتكولاته المعتادة كأي معرض يعقد ، كان جميع من سبقني كانوا يتكلمون باللغة الإنجليزية ، وكأن أمامهم جهمور كبير من (( الخواجة )) ، ولكنني كنت أرى مالا يرون وبأن جميع من أمامي عرب ، قلت في نفسي ربما ينقل هذا المعرض على أحد القنوات الفضائية العالمية ، ولكن لم أرى أي طاقم قناة أجنبية أمامي ، ثم قلت في نفسي حتى وإن يكن منقولة ع قنوات أجنبية أليس من الأولى أن يكتفى بالترجمة أسفل الشاشة كما يعمل به في جميع القنوات الفضائية الأجنبية ، تسائلات كثيرة إيجاباتها بأتت بالفشل ..!!
وعندما جاء دوري تعوذت بالله من الشيطان الرجيم ثم قررت أن أعكس المسار والتيار ، ثم فتحت أوراقي وشرائح العرض ثم أنطلقت أتكلم باللغة العرببة الفصحى ، رغم أن الكلمة التي أحضرتها كانت بالإنجليزية وشرائح العرض أيضاً كانت باللغة الإنجليزية ، تفاجأت كأي شخص مخالف للطريق أو أي شخص يخرج عن المألوف المعمول به ، بأن نظرات الكثير أمامي إن لم يكن الكل كانت نظرات إستغراب ..!! وكأن لسان حالهم يقول :
(( وش عنده يتكلم عربي ..!! شكله مايعرف إنجليزي ..!! أو ما أمداه يترجم الكلمة بالانجليزية ..!! مسكين شكله أول مره يحضر مؤتمر زي كذا .!! او أنهم ما بلغوه أنها بالانجليزية ..!! أو أنه حاضر يغطي مكان واحد وتوهق ..!! ))
أسئلة كثيرة تدور في مخيلاتهم وأراها في أعينهم وتجتمع جميع إجاباتها عند نقطة المجهول ..!!
أطلقت العنان لكلمتي باللغة العربية غير مبالي بنظراتهم أو ردود أفعالهم ، بل كنت أتخيل ملامحهم ع العكس مما تبدو لي لكي لا أتلعثم ..!! أو تهبط عزيمتي ..!!
ثم ما إن لبثت قليلاً إلا بخروج ذلك البطل المغوار من بين الفضوليين الحيوين وكان الأكثر جرئة من بينهم جميعاً ومن منظمي المعرض ،
ثم قال بصوت عال :
(( تكلم انقليزي لو سمحت ))
تجاهلت ما يقول وكأنني لا أسمع ولا أرى ،
أخذته العزة بالإثم أمام الحضور بعدم مبالاتي له ..!! فكررها مراراً وتكراراً ولكن للأسف دون جدوى ..!! لدرجة أنه قال إذا لم تتكلم بالإنجليزية سننهي كلمتك .. تجاهلت توجيهه وكلماته ، وأكملت في طريقي حتى أنيهت كلمتي ..
وبعد أن أنهيت كلمتي
سألتهم في أي بلد نحن الآن ..!!
أستغرب الجميع من السؤال .. قلت لهم ألسنا في المملكة العربية السعودية ..!! ولغتنا العربية ..!!
ونسبة الحضور من العرب 95ظ? ..
أوصل بنا الخجل لهذا المستوى بأن نتخلى عن لغتنا ..!!!
أم وصل بنا التفاخر الأجوف بأن نتكلم بالإنجليزية ..!! ظناً منا أنها لغة الثقافة والرقي ..!!
جميع البلدان في العالم يجبرونك ع لغتهم في الشارع في المحلات في الجامعات في المؤتمرات في الفعاليات و في كل مكان لديهم ..
يتفاخرون ويفتخرون بلغتهم بل يعتبرونك دخيلاً عليهم ويجب أن تخاطبهم بلغتهم وليس هم من يخاطبونك بلغتك .!!
ولكن للأسف البعض منا أصبح يتنصل عن لغته العربية في بلده ، ونسي أنها لغة القران الكريم ولغة نبينا محمد عليه الصلاة وأتم السلام ، وأنها لغتنا التي ولدنا عليها وتعايشنا بها مع الناس ، أم أنه أصبح يستحي منها ..!! فليمحوا ماضيه الذي كان باللغة العربية إن إستطاع ثم يتفاخر بالإنجليزية في حديثه مؤخراً .
أليس من الأولى أن نفتخر بلغتنا كالآخرين ونجبر الجميع في بلدنا بلغتنا كما يجبروننا في بلدانهم بلغتهم ..
عندما كانت الحضارة الإسلامية في الأندلس في أوج قوتها وشموخها ، كان الغرب يأتون إليها طلباً للعلم ثم إذا ذهبوا لبلدانهم بعد تعلمهم ، يتفاخرون بتقليد العرب في لبسهم بل يحاولون أن يدخلوا بعض الكلمات باللغة العربية عند حديثهم مع الآخرين ليبينوا لهم أنهم درسوا عند العرب و مثقفون وتعلموا ونهلوا من ثقافة العرب ..
ومضة :
- من لم يفتخر بأصال لغته فأصله بريء منه ..
- أنت من يصنع مكانتك لدى الآخرين برقيك بإحترامك بالثبات ع مبادئك وأصولك وعاداتك وتقاليدك ودينك بثقافتك الأصيلة ..
- لا تعقتد أنك عندما تتكلم الإنجليزية أن شخص خارق فهناك الكثير تعلموها قبلك بمئات السنين وسيخلفك الكثير وستبقى في نظر الآخرين شخص ناقص .
- بعض الحقائق مؤلمة ولكن تغييرها أمر إجباري .
تعليق