لشهادة الابتدائية.. لم ينجح أحد
لعل مَنْ تجاوز عمره الخمسين، يتذكر ما كان للشهادة الابتدائية من اهمية كبرى، ذات قيمة وهيبة. فالقلوب حينها كانت تزداد خفقانا كلما اقتربت امتحاناتها النهائية. أما الأسر فتدخل في مرحلة استنفار قصوى، قبل بدء الامتحانات بأسابيع، وإلى لحظة الإعلان عن النتائج النهائية. فلا تليفزيون ولا إزعاج ولا مجال للعب أو الترفيه. حتى المذاكرة كانت لها أساليب مختلفة، فهناك اصدقاء يتجمعون في منزل احد الميسورين منهم، يسهرون حتى ساعات الصباح الأولى، يراجعون دروسهم، ويتعاونون فيما بينهم. فيما آخرون تجدهم يفرشون مبسطهم، تحت اعمدة الإنارة في الشوارع، وفي الحدائق وعلى الأرصفة.
بعد انتهاء الامتحانات، تبدأ مرحلة الانتظار والترقب لمعرفة النتائج، والكل يردد «عند الامتحان يكرم المرء أو يهان». لم يكن آنذاك هواتف نقالة، ولا وسائل تواصل، أما الهواتف المنزلية فقد كانت لعلية القوم، الذين لا يزيد عددهم على عدد أصابع اليد في كل حارة. ولهذا كانت النتائج تعلن عبر إذاعة المملكة، ومن بعدها في الصحف الورقية. يبدأ المذيع في إعلان النتائج، التي من بينها عبارة «لم ينجح أحد»، فنعرف ان تلك المدرسة هي مدرسة ليلية. فإن كان اسمك يبدأ بحرف متقدم، عرفت نتيجتك مبكرا، أما إذا كنت ممن تبدأ اسماؤهم بالهاء والياء وما حولهما، فليس امامك إلا الصبر الذي يزيد من خفقان قلبك.
يتجمع شباب الحارة جميعهم حول المذياع «الراديو»، لا حبا فيمن ينتظر نتيجته، بل لأجل «غرشة» كولا أو فانتا او سينالكو، ربما تقوم عائلته بتوزيعها عليهم بمناسبة النجاح الميمون.
اليوم، تغير كل شيء، واصبحت الشهادة الابتدائية، كما لو كانت سنة تحضيرية في إحدى الجامعات، لا قيمة لها، ولا طعم يميزها، ولا هي خبر يستحق الاهتمام. ولقد لمست ذلك قبل يومين، حينما دخلت بنتي فجرا عائدة من حفل تخرجها في الابتدائية، طالبة الهدية، فسألتها متى اختبروكم اصلا حتى تطلبي الهدية!!؟ بالفعل، لقد تغير كل شيء، فتبدد الخوف وأصبح الصعب سهلا. فقط لأن هناك مَنْ أراده كذلك. ولكم تحياتي.
منفول
لعل مَنْ تجاوز عمره الخمسين، يتذكر ما كان للشهادة الابتدائية من اهمية كبرى، ذات قيمة وهيبة. فالقلوب حينها كانت تزداد خفقانا كلما اقتربت امتحاناتها النهائية. أما الأسر فتدخل في مرحلة استنفار قصوى، قبل بدء الامتحانات بأسابيع، وإلى لحظة الإعلان عن النتائج النهائية. فلا تليفزيون ولا إزعاج ولا مجال للعب أو الترفيه. حتى المذاكرة كانت لها أساليب مختلفة، فهناك اصدقاء يتجمعون في منزل احد الميسورين منهم، يسهرون حتى ساعات الصباح الأولى، يراجعون دروسهم، ويتعاونون فيما بينهم. فيما آخرون تجدهم يفرشون مبسطهم، تحت اعمدة الإنارة في الشوارع، وفي الحدائق وعلى الأرصفة.
بعد انتهاء الامتحانات، تبدأ مرحلة الانتظار والترقب لمعرفة النتائج، والكل يردد «عند الامتحان يكرم المرء أو يهان». لم يكن آنذاك هواتف نقالة، ولا وسائل تواصل، أما الهواتف المنزلية فقد كانت لعلية القوم، الذين لا يزيد عددهم على عدد أصابع اليد في كل حارة. ولهذا كانت النتائج تعلن عبر إذاعة المملكة، ومن بعدها في الصحف الورقية. يبدأ المذيع في إعلان النتائج، التي من بينها عبارة «لم ينجح أحد»، فنعرف ان تلك المدرسة هي مدرسة ليلية. فإن كان اسمك يبدأ بحرف متقدم، عرفت نتيجتك مبكرا، أما إذا كنت ممن تبدأ اسماؤهم بالهاء والياء وما حولهما، فليس امامك إلا الصبر الذي يزيد من خفقان قلبك.
يتجمع شباب الحارة جميعهم حول المذياع «الراديو»، لا حبا فيمن ينتظر نتيجته، بل لأجل «غرشة» كولا أو فانتا او سينالكو، ربما تقوم عائلته بتوزيعها عليهم بمناسبة النجاح الميمون.
اليوم، تغير كل شيء، واصبحت الشهادة الابتدائية، كما لو كانت سنة تحضيرية في إحدى الجامعات، لا قيمة لها، ولا طعم يميزها، ولا هي خبر يستحق الاهتمام. ولقد لمست ذلك قبل يومين، حينما دخلت بنتي فجرا عائدة من حفل تخرجها في الابتدائية، طالبة الهدية، فسألتها متى اختبروكم اصلا حتى تطلبي الهدية!!؟ بالفعل، لقد تغير كل شيء، فتبدد الخوف وأصبح الصعب سهلا. فقط لأن هناك مَنْ أراده كذلك. ولكم تحياتي.
منفول
تعليق