كما أن هذا التوجه حظي بمتابعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، رحمه الله، ودعمه عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض ورئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة الذي وجه بتوسيع دائرة الاهتمام بالأحياء ذات القيمة التاريخية، نظرًا لما تحمله من قيمة ثقافية واقتصادية كبيرة. لم يتوقف هذا الاهتمام بوسط الرياض التاريخية، بل أكمل المسيرة الأمير فيصل بن بندر الذي يدفع حثيثًا لإطلاق البرنامج التطويري سريعًا.
حي الظهيرة واحد من تلك الأحياء القديمة الموعودة بالتأهيل والترميم ليتحول إلى وجهة سياحية، وذلك بمشاركة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وأمانة مدينة الرياض، والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. الحي يتوسط العاصمة الرياض، ويقع بالقرب من منطقة قصر الحكم التي تولت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إعادة إحيائها وتطويرها لما للمنطقة من دور تاريخي، كما تُعد مركزًا إداريًا وثقافيًا، وتجاريًا للعاصمة.
الوقوف على الأطلال
الأحياء القديمة المتاخمة لمنطقة قصر الحكم محرضة على الحنين والتذكر واستجلاب الماضي في أبهى صوره.. فلربما صادفت أناسًا يمشطون المكان، وهم ليسوا بسكانيه يحدقون في منزل متهالك، أو يحاولون اقتناص نظرة من خلال نافذة مفتوحة لبيت مهجور. يمرون عبر الأزقة التي كانوا فيما مضى من ساكنيها، ويصافحون بقلوبهم حي الدحو، وحي شلقا، وحي دخنة.. حتى حي الظهيرة الذي بدأ سكانه الأصليون في هجره منذ أربعة عقود أو تزيد، ليحل محلهم العمالة، أو تتحول بعض البيوت فيه إلى مستودعات للبضائع التي تباع في دكاكين شارع الظهيرة مثل: القرطاسية، والأواني، والتحف.
انطلقنا عبر طريق الملك فهد السريع باتجاه وسط الرياض، وانعطفنا يسارًا باتجاه شارع الإمام فيصل بن تركي، كان حي الظهيرة يقابل جامع الأمام تركي شمالاً، ويوازي شارع السويلم من جهة الغرب، وشارع الملك فيصل شرقًا. تبدو المنطقة محفوفة بالتاريخ والقصص الجميلة التي تنطق بها بيوتها الطينية ذات الطراز النجدي، فتلوح لنا تفاصيلها الداخلية من زواياها المتهدمة بدءًا من سقوف الكندل والباشكير، مرورًا بعدد من السواري التي تقيم البيت، انتهاء بالأبواب والنوافذ.
كان الوقوف على الأطلال مع حرارة الشمس، إذ كانت زيارتنا للحي قبل الظهيرة بساعتين، لا يشبه وقوف طرفة بن العبد إذ إن أطلال الظهيرة ليست كأطلال محبوبته التي «تلوح باقي الوشم في ظاهر اليد»، بل تظهر جلية أمام العيان، كل ما تحتاج إليه هو ذلك الوقوف المتأمل والترميم الذي لا يُفقدها هويتها الجميلة.
تعليق