المشاعر والمواعين!
«مشاعري مثل مواعين أمي الغالية، موجودة لكن ما تطلع».
هذه الطرفة تتكلم عن واقع مشاهد وللأسف، فكثير منا يحب عائلته وأقاربه وأصدقاءه، ولكنه بخيل جداً في تقديم المشاعر لمن يحب، بل وصلت الحال إلى أنك لو قلت أو أرسلت إلى أخيك أو قريبك أو صديقك: أحبك، فقد يكون الرد: ليش؟ عسى ما خلاف؟!
ووصلت الحال أيضاً إلى أنك إذا وجدت الرجل يُمدح ويُثنى عليه لا تملك إلا أن تقول: رحمه الله، فمشاعرنا لا تظهر إلا للأموات.
ما المشكلة في عدم إظهار المشاعر؟! فنحن رجال شرقيون لنا عاداتنا وتقاليدنا، المشاكل في ذلك أن هذا الجفاف في المشاعر، هو بوابة لسوء الظن والفرقة المخيفة، وكم رأينا من عائلات كانت مثالاً للاجتماع والتآلف تفرقت واختلفت، فالكل يظن أن الآخر يبغضه ويحسده يرى ذلك في عينيه وما يسمع عنه، بينما لا يسمع منه عكس ذلك.
وبوابة أيضاً للإحباط، فنحن في النقد لا نتأخر، ولكن في إظهار السعادة والتقدير لنجاح أحدنا نتأخر كثيراً، بل إن بعضنا يرى أن الثناء على الناجح وإظهار المشاعر تجاهه يتسبب في ضرره، ومن ذلك «كبر رأسه»!، بالإضافة إلى أنه يفقد لذة إظهار المشاعر وردات الأفعال الرائعة تجاهها.
هل هذا هو الصحيح؟!
في الحديث، وهو الوحي الذي يوحى والحجة الواضحة في كل قضية من القضايا، أن رجلاً مر بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وعنده ناس، فقال رجل ممن عنده: إني لأحب هذا لله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أعلمته؟ قال: لا! قال: قم إليه فأعلمه، فقام الرجل إلى من أحبه فأعلمه بحبه، فرد الآخر: أحبّك الذي أحببتني له، ثم رجع فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قال، فقال صلوات الله وسلامه عليه: أنت مع من أحببت، ولك ما احتسبت.
والمتنبي يقول:
لا خيل عندك تهديها ولا مال فليُسعد النطق إن لم يُسعد الحال
حقًا إن أشد الناس بخلاً، هو بخيل المشاعر.
د. شلاش الضبعان
تعليق