السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
ما الفرق بين عبارتي: "أتمنّى لك" و"أرجو لك" من ناحيتي دلالة المعنى واللغة؟ وما الأصح استخدامًا في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والأعياد وغيرها من المناسبات؟
وتقبّلوا وافر التحايا
-------------------------
بين التمني عموم وخصوص؛ فالتمني عام في الممكن وغير الممكن، وأما الرجاء ففي الممكن، قال الأزهري في معجم تهذيب اللغة "وَقَالَ أَبُو العبّاس أَحْمد بن يحيى[ثعلب]: التَّمنِّي: حديثُ النّفس بِمَا يكون وَبِمَا لَا يكون.
قَالَ: والتمنِّي: السُّؤال للربّ فِي الْحَوَائِج، وَفِي الحَدِيث: (إِذا تمنَّى أحدُكم فَلْيَسْتكثر فَإِنَّمَا يسْأَل ربَّه).
قَالَ أَبُو بكر: تمنّيت الشَّيْءَ، أَي: قدَّرته وأحببتُ أَن يَصير إليَّ، من (المَنا) وَهُوَ (القَدَر). وتَمنَّى: إِذا تَلا القُرآن. وتمنَّى: كذب ووَضع حَدِيثًا لَا أَصْلَ لَهُ.
وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ دَأب، وَهُوَ يحدِّث: هَذَا شَيْء رَوَيْته أم شَيْء تَمنَّيْته؟
مَعْنَاهُ: افتعلته واخْتلقته وَلَا أصْل لَهُ.
قَالَ: والتمنِّي: التِّلَاوَة: قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِى أُمْنِيَّتِهِ} (الْحَج: 52)، أَي: فِي تِلَاوَته مَا لَيس فِيهِ.
قَالَ: والتمنّي: الكَذِب.
يَقُول الرجل: وَالله مَا تمنَّيت هَذَا الْكَلَامَ وَلَا اخْتَلقته.
وَقَالَ تَعَالَى:{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِىَّ} (الْبَقَرَة: 78) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالُوا فِيهِ قولَين:
قيل: مَعْنَاهُ: لَا يَعْلمون الْكتاب إِلَّا تِلَاوَة.
وَقد قيل: إِلَّا أمانِي، أَي: إلّا أكاذيب.
وَالْعرب تَقول: أَنْت إِنَّمَا تَمْتَني هَذَا القولَ، أَي: تَخْتَلقه.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون (أماني) نُسب إِلَى أَن الْقَائِل إِذا قَالَ مَا لَا يَعلمه فَكَأَنَّهُ إِنَّمَا يتمنّاه، وَهَذَا اسْتعْمل فِي كَلَام النَّاس، فَيَقُولُونَ للَّذي يَقُول مَا لَا حَقِيقَة لَهُ وَهُوَ يُحِبهُ، هَذَا مُنى، وَهَذِه أمْنية.
قلت: والتلاوة سُمِّيت: أُمنية؛ لأنّ تالي الْقُرْآن إِذا مرّ بِآيَة رَحْمَة تمنّاها، وَإِذا مرّ بِآيَة عَذَاب تمنّى أَن يُوقّاه". وأما الرجاء فقال عنه أحمد بن فارس في معجم مقاييس اللغة: "وَهُوَ الْأَمَلُ. يُقَالُ رَجَوْتُ الْأَمْرَ أَرْجُوهُ رَجَاءً. ثُمَّ يتَّسَعُ فِي ذَلِكَ، فَرُبَّمَا عُبِّرَ عَنِ الْخَوْفِ بِالرَّجَاءِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13]، أَيْ لَا تَخَافُونَ لَهُ عَظَمَةً. وَنَاسٌ يَقُولُونَ: مَا أَرْجُو، أَيْ مَا أُبَالِي. وَفَسَّرُوا الْآيَةَ عَلَى هَذَا، وَذَكَرُوا قَوْلَ الْقَائِلِ:
إِذَا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ... وَخَالَفَهَا فِي بَيْتِ نُوَبٍ عَوَامِلِ
قَالُوا: مَعْنَاهُ لَمْ يَكْتَرِثْ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذَا دَنَا نِتَاجُهَا: قَدْ أَرْجَتْ تُرْجِي إِرْجَاءً".
والذي ننتهي أنه لا فرق بينهما للدعاء بالخير في الأعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة، وهذا ما عليه استعمال الناس اليوم، وقد لهج بعض الفقهاء غير المدققين بالنهي عن استعمال لفظ التمني والنصح باستعمال لفظ الرجاء وليسوا على حقّ في نهيهم. فلك أن تقول أتمنى لك النجاح أو أرجو لك النجاح.
اللجنة المعنية بالفتوى:
المجيب:
أ.د. أبو أوس الشمسان
(عضو مجمع اللغة العربية)
راجعه:
أ.د. عبد الرحمن بودرع
(نائب رئيس المجمع)
رئيس اللجنة:
أ.د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)
ما الفرق بين عبارتي: "أتمنّى لك" و"أرجو لك" من ناحيتي دلالة المعنى واللغة؟ وما الأصح استخدامًا في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والأعياد وغيرها من المناسبات؟
وتقبّلوا وافر التحايا
-------------------------
بين التمني عموم وخصوص؛ فالتمني عام في الممكن وغير الممكن، وأما الرجاء ففي الممكن، قال الأزهري في معجم تهذيب اللغة "وَقَالَ أَبُو العبّاس أَحْمد بن يحيى[ثعلب]: التَّمنِّي: حديثُ النّفس بِمَا يكون وَبِمَا لَا يكون.
قَالَ: والتمنِّي: السُّؤال للربّ فِي الْحَوَائِج، وَفِي الحَدِيث: (إِذا تمنَّى أحدُكم فَلْيَسْتكثر فَإِنَّمَا يسْأَل ربَّه).
قَالَ أَبُو بكر: تمنّيت الشَّيْءَ، أَي: قدَّرته وأحببتُ أَن يَصير إليَّ، من (المَنا) وَهُوَ (القَدَر). وتَمنَّى: إِذا تَلا القُرآن. وتمنَّى: كذب ووَضع حَدِيثًا لَا أَصْلَ لَهُ.
وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ دَأب، وَهُوَ يحدِّث: هَذَا شَيْء رَوَيْته أم شَيْء تَمنَّيْته؟
مَعْنَاهُ: افتعلته واخْتلقته وَلَا أصْل لَهُ.
قَالَ: والتمنِّي: التِّلَاوَة: قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِى أُمْنِيَّتِهِ} (الْحَج: 52)، أَي: فِي تِلَاوَته مَا لَيس فِيهِ.
قَالَ: والتمنّي: الكَذِب.
يَقُول الرجل: وَالله مَا تمنَّيت هَذَا الْكَلَامَ وَلَا اخْتَلقته.
وَقَالَ تَعَالَى:{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِىَّ} (الْبَقَرَة: 78) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالُوا فِيهِ قولَين:
قيل: مَعْنَاهُ: لَا يَعْلمون الْكتاب إِلَّا تِلَاوَة.
وَقد قيل: إِلَّا أمانِي، أَي: إلّا أكاذيب.
وَالْعرب تَقول: أَنْت إِنَّمَا تَمْتَني هَذَا القولَ، أَي: تَخْتَلقه.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون (أماني) نُسب إِلَى أَن الْقَائِل إِذا قَالَ مَا لَا يَعلمه فَكَأَنَّهُ إِنَّمَا يتمنّاه، وَهَذَا اسْتعْمل فِي كَلَام النَّاس، فَيَقُولُونَ للَّذي يَقُول مَا لَا حَقِيقَة لَهُ وَهُوَ يُحِبهُ، هَذَا مُنى، وَهَذِه أمْنية.
قلت: والتلاوة سُمِّيت: أُمنية؛ لأنّ تالي الْقُرْآن إِذا مرّ بِآيَة رَحْمَة تمنّاها، وَإِذا مرّ بِآيَة عَذَاب تمنّى أَن يُوقّاه". وأما الرجاء فقال عنه أحمد بن فارس في معجم مقاييس اللغة: "وَهُوَ الْأَمَلُ. يُقَالُ رَجَوْتُ الْأَمْرَ أَرْجُوهُ رَجَاءً. ثُمَّ يتَّسَعُ فِي ذَلِكَ، فَرُبَّمَا عُبِّرَ عَنِ الْخَوْفِ بِالرَّجَاءِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13]، أَيْ لَا تَخَافُونَ لَهُ عَظَمَةً. وَنَاسٌ يَقُولُونَ: مَا أَرْجُو، أَيْ مَا أُبَالِي. وَفَسَّرُوا الْآيَةَ عَلَى هَذَا، وَذَكَرُوا قَوْلَ الْقَائِلِ:
إِذَا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ... وَخَالَفَهَا فِي بَيْتِ نُوَبٍ عَوَامِلِ
قَالُوا: مَعْنَاهُ لَمْ يَكْتَرِثْ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذَا دَنَا نِتَاجُهَا: قَدْ أَرْجَتْ تُرْجِي إِرْجَاءً".
والذي ننتهي أنه لا فرق بينهما للدعاء بالخير في الأعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة، وهذا ما عليه استعمال الناس اليوم، وقد لهج بعض الفقهاء غير المدققين بالنهي عن استعمال لفظ التمني والنصح باستعمال لفظ الرجاء وليسوا على حقّ في نهيهم. فلك أن تقول أتمنى لك النجاح أو أرجو لك النجاح.
اللجنة المعنية بالفتوى:
المجيب:
أ.د. أبو أوس الشمسان
(عضو مجمع اللغة العربية)
راجعه:
أ.د. عبد الرحمن بودرع
(نائب رئيس المجمع)
رئيس اللجنة:
أ.د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)
تعليق