• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شرح حديث: إن الله قد صدقك يا زيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شرح حديث: إن الله قد صدقك يا زيد

    شرح حديث: إن الله قد صدقك يا زيد


    عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه -: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة، فسمعت عبد الله بن أُبيّ ابن سلول يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من عنده، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذلَّ. فحدَّثتُ به عمِّي، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فدعاني رسول الله، فأخبرته، فبعث إلى عبد الله بن أبيّ وأصحابه، فجاؤوا، فحلفوا بالله ما قالوا، فصدَّقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذَّبني، فدخلني من ذلك همٌّ، وقال لي عمِّي: ما أردتَ إلى أن كذَبك رسول الله، ومقتَك، فأنزل الله ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ ﴾. فدعاهم رسول الله، فقرأها عليهم، ثم قال: "إن الله قد صدقَكَ يا زيد". متفق عليه [1].

    من فوائد الحديث:
    1- فإن قلت: كان أُبيّ بن سلول يستحق القتل، فكيف يكون تحديث الناس مانعا من قتله؟ قلتُ: هو كان ظاهر الإسلام، وكانوا يشاهدون منه أفعال المسلمين. ونحن نحكم بالظاهر. وقيل: كان في قتله تنفير الخلق عن الإسلام. ويجوز التزام مفسدة لدفع أعظم المفسدين. [2]
    2- إنّ عقوبة المنافق هنا أُوكلت إلى اجتهاد الإمام على حسب ما يراه من سد الذريعة، وإغلاق باب الشر، إما بإخباره وتنبيهه بالعلم بما قال وفعل، أو بالوعيد له، ونحو ذلك.
    3- عبد الله بن أبي ابن سلول، أكبر المنافقين، وهو الذي قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وكان زيد بن أرقم سمعه فبلّغها عنه، فأنكر واحتج عنه أصحابه، وقالوا: لعلّ الغلام وَهِم.
    4- انتشرت المقالة عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - فأنزل الله تصديقه.
    5- سياسة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحسن حكمته وتدبيره.
    6- عمّ زيد بن أرقم هو: ثابت بن زيد بن قيس بن زيد الأنصاري.
    7- فعل الصحابي ذلك حبا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ودفاعا عنه، وغيرة عليه.
    8- صبر النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنافقين، وطول نفسه عليهم، رغم أذيّتهم له - صلى الله عليه وسلم -.
    9- قال محمد بن يوسف: بلغني أن ابنه وقف له فقال: والله، لا تمر حتى تقول: إنك (الأذل) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأعز، فلم يمرّ حتى قالها. [3]
    10- قوله: (كنت في غزاة) قال ابن الجوزي: هي المريسيع سنة خمس أو ست. [4]
    11- ذهبت مثلا، وحديثا يُتلى إلى يوم القيامة قوله - صلى الله عليه وسلم - عن زيد: "هذا الذي أوفى الله له بإذنه". [5]

    12- وقوله: " لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ": فيه ترك تغيير بعض الأمور التي يجب تغييرها، مخافة أن يؤدى تغييرها إلى أكثر منها.
    13- كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستألف على الإسلام النافرين عنه، فكان يعفو عن أشياء كثيرة أول الإسلام لذلك؛ لئلا يزدادوا نفارا. فكان - صلى الله عليه وسلم - يستألفهم بطلاقة وجهه، ولين كلمته، وبسط المال لهم، والإغضاء عن هناتهم، حتى يتمكن الإيمان في قلوبهم، ويراهم أمثالهم فيدخل في الإسلام ويتبعهم أتباعهم عليه. ولهذا لم يقتل المنافقين، ووكل أمرهم إلى ظواهرهم، مع علمه ببواطن كثير منهم، وإطلاع الله إياه على ذلك.
    14- كان المنافقون معدودين في الظاهر في جملة أنصاره وأصحابه ومن تبعه، وقاتلوا معه غيرهم حمية أو طلب دنيا أو عصبية لمن معهم من عشائرهم، وعلمت بذلك العرب، فلو قتلهم لارتاب بذلك من يريد الدخول في الإسلام ونفره ذلك عنه.

    15- وقد اختلف: هل بقي حكم جواز ترك قتلهم والإغضاء عنهم؟ أو نسخ ذلك آخرا عند ظهور الإسلام عند قوله تعالى: ﴿ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾[6] وأنها ناسخة لما كان قبلها؟ وقيل: إنما العفو عنهم ما لم يظهروا نفاقهم، فإذا أظهروه قتلوا، قاله غير واحد من أئمتنا وغيرهم، واستدلوا بقوله تعالى: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ [الأحزاب: 60] إلى قوله: ﴿ وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ﴾. [7]
    16- الحفاظ على السمعة السياسية ووحدة الصف الداخلية: وهذا الدرس يظهر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه؟

    17- لم يقف النبي - صلى الله عليه وسلم - موقفًا سلبيًّا حيال تلك المؤامرة التي تزعمها ابن سلول لتصديع الصف المسلم، وإحياء نعرات الجاهلية في وسطه. بل اتخذ إزاءها خطوة إيجابية.
    18- سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس يومهم ذلك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصدر يومهم الثاني حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما.
    19- لم يواجه النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن سلول ومؤامراته المدبرة بالقوة واستعمال السلاح حرصًا على وحدة الصف المسلم، وذلك لأن لابن أبي أتباعًا وشيعة مسلمين مغرورين، ولو فتك به لأرعدت له أنوف، وغضب له رجال متحمسون له، وقد يدفعهم تحمسهم له إلى تقطيع الوحدة المسلمة، وليس في ذلك أي مصلحة للمسلمين.

    20- ضرب عبدالله ابن كبير المنافقين أُبَيّ بن سلول أروع الأمثلة في الإيمان، والتضحية بعاطفة الأبوة. فعبدالله ولد مؤمن مخلص، فلما علم بالأحداث ونزول السورة، أتى رسول الله فقال له: (يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل أبي ابن سلول فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا، فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أبر بوالده مني، وإني لأخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي بين الناس، فأقتله، فأقتل رجلاً مؤمنًا بكافر فأدخل النار، فقال رسـول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل نترفق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا"[8]. ولما وصل المسلمون مشارف المدينة تصدى عبد الله لأبيه عبد الله بن أبي، وقال له: قف فوالله لا تدخلها حتى يأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذنه في ذلك، فأذن له. [9]

    [1] صحيح البخاري 1 / 327 رقم 4900، صحيح مسلم 4 / 2140 رقم 2772.

    [2] الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري للكرماني 18 / 151.

    [3] مسند البزّار 7 / 25 رقم 2572. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 317: (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ).

    [4] من 2- 10 مستفاد من التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقّن 20 / 69. 23 / 407.

    [5] صحيح البخاري 6 / 154 رقم 4906.

    [6] سورة التوبة آية 73. سورة التحريم آية 9.

    [7] من 12-15 مستفاد من إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض 8 / 54 والآيتان 60-61 من سورة الأحزاب.

    [8] سيرة ابن هشام 2 / 292- 293.

    [9] من16-20 مستفاد من السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث. د. علي الصّلابي. الشبكة الدعوية.









    الالوكة

  • #2
    جزاك الله خير على حسن الاختيار بارك الله فيك




    تعليق


    • #3
      شكراً لنقلك الموفق والمفيد ...


      تعليق

      يعمل...
      X