حديث رؤية الله في الجنة
• عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ. فِي جَنَّةِ عَدْنٍ".
• وعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبِيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ. فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ".
وفي رواية: ثُمَّ تَلاَ هذِهِ الآيَةَ: ï´؟ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىظ° وَزِيَادَةٌ ï´¾ رواه مسلم.
ترجمة راويَي الحديثين:
أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والسبعين من كتاب الإيمان.
وأما صهيب رضي الله عنه فهو: صهيب بن سنان بن مالك الربعي النمري، كنيته أبو يحيى كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس برومي الأصل، وإنما قيل له رومي؛ لأن الروم سبوه صغيراً، فنشأ بالروم، فصار ألكن، فاشترته كلب من الروم، ثم قدموا به إلى مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي منهم فأعتقه، فأقام معه حتى مات ابن جدعان، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسلم وكان من السابقين للإسلام؛ قال الواقدي رحمه الله: " أسلم صهيب وعمار رضي الله عنهما وكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً، وكان من المستضعفين بمكة الذين عذبوا، ولما هاجر صهيب رضي الله عنه إلى المدينة تبعه نفر من المشركين فأخرج كنانته وقال رضي الله عنه:" تعلمون أني من أرماكم، ووالله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فإن كنتم تريدون مالي دلليكم عليه، قالوا: دلنا على مالك ونخلي عنك وتعاهدوا على ذلك فدلهم عليه، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ربح البيع أبا يحيى" وكان صهيب رضي الله عنه شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير كثير شعر الرأس شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه محباً لصهيب رضي الله عنه حتى إنه لما طعن أوصى أن يصلي عليه صهيب، وتوفي صهيب رضي الله عنه بالمدينة سنة 38هـ وقيل سنة 39هـ في شوال ودفن بالمدينة، رضي الله عنه وأرضاه. [انظر أسد الغابة (3/ 36)].
تخريج الحديثين:
حديث أبي موسى رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (180)، وأخرجه البخاري في " كتاب التفسير " " باب (ومن دونهما جنتان )" حديث (4878)، وأخرجه الترمذي في " كتاب صفة الجنة " " باب ما جاء في صفة غرف الجنة" حديث (2528)، وأخرجه ابن ماجه في المقدمة " باب ما أنكرت الجهمية " حديث (186).
شرح ألفاظ الحديثين:
• " جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا": " جَنَّتَانِ " خبر لمبتدأ مخذوف، أي هما جنتان، "آنِيَتُهُمَا" مبتدأ، "مِنْ فِضَّةٍ" خبره مقدم، والجملتان في جواب للسائلين عن حقيقة الجنتين في قوله تعالى ï´؟ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ï´¾ [الرحمن:46].
• " وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ": أي ما بين أهل الجنة ورؤية الله تعالى.
• " تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟": أي من أنواع النعيم.
• " فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ": أي يزيله.
من فوائد الحديثين:
• الفائدة الأولى: الحديثان دليلان على الإيمان بالجنة وأنها دار النعيم للمؤمنين، وأنهما جنتان من فضة وجنتان من ذهب، وفي حديث صهيب رضي الله عنه بيان اسم من أسماء الجنة وهو جنة عدن وكما قال تعالى: ï´؟ جَنَّاتِ عَدْنٍ اَلَّتِيْ وَعَدَ اَلْرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ï´¾ [مريم:61]، ï´؟ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِيْ جَنَّاتِ عَدْنً ï´¾ [الصف:12]
• الفائدة الثانية: الحديثان دليلان على إثبات صفة الوجه لله تعالى، وتقدم الكلام على صفة الوجه في الحديث السابق.
• الفائدة الثالثة: في الحديثين دليل على إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة، والكلام على رؤية الله تعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: رؤية الله تعالى في الدنيا
رؤية الله تعالى في الدنيا مستحيلة، دل َّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع:-
فمن الكتاب: قول الله تعالى لموسى: ï´؟ لَنْ تَرَانِيْ ï´¾ الأعراف: ظ،ظ¤ظ£وكان قد طلب رؤية الله تعالى.
ومن السنة: حديث النواس بن سمعان في ذكر الدجال وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:" اعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت" رواه مسلم.
وأجمع العلماء على أن الله عز وجللا يراه أحد في الدنيا بعينه، ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم، ولو كان الله جل وعلا يُرى في الدنيا أي لو كان ذلك حاصلاً لأحد من العباد لحصل لكليم الله تعالى موسى عز وجل حين سأل ربه ذلك، وإن تعجب فعجب من أولئك السفهاء من المبتدعة الذين يعتقدون أنها قد تحصل رؤية الله تعالى في الدنيا لبعض أوليائهم كما هو موجود في كتب الزنادقة والصوفية، وأفتى بعض علماء الإسلام ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية أن من قال أن أحداً من الأولياء يرى الله سبحانه وتعالى بعينه في الدنيا فإنه يبيَّن له الدليل فإن تاب وإلا قُتل، وإن اعتقد بهذا الاعتقاد مع اعتقاده التفضيل أي يعتقد بأن أولياءه الذين يزعم أنهم يرون الله في الدنيا أفضل من الأنبياء الذين لم تحصل لهم الرؤيا في الدنيا كموسى عز وجل وغيره من الأنبياء فإنه يكفر بهذا الاعتقاد ويقتل مرتداً إن كان مصراً على هذا القول.
فالحاصل أن رؤية الله في الدنيا ممتنعة بإجماع العلماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (في مجموع الفتاوى 3 / 389):" وكذلك كل من ادعى أنه رأى ربه بعينيه قبل الموت فدعواه باطلة باتفاق أهل السنة والجماعة، لأنهم اتفقوا جميعهم على أن أحداً من المؤمنين لا يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت، وثبت ذلك في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما ذكر الدجال قال:" واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت ".
ثانياً: رؤية الله في الآخرة قبل دخول الجنة
اختلف أهل العلم في رؤية الله تعالى في المحشر وقبل الحساب هل هي خاصة للمؤمنين، أو أنها عامة لأهل المحشر كلهم مؤمنهم ومنافقهم وكافرهم، وقبل ذكر الخلاف لابد من معرفة عدة أمور:
الأول: أهل السنة والجماعة متفقون على أن المؤمنين يرون ربهم في المحشر فلم يخالف في ذلك أحد.
الثاني: أهل السنة والجماعة متفقون على أن رؤية الله في عرصات يوم القيامة لا تكون رؤية نعيم وتكريم وتلذذ إلا للمؤمنين، بخلاف غيرهم من الكفار والمنافقين فعلى قول من يقول أنهم يرونه فإنها ليست رؤية نعيم وتكريم.
الثالث: أن الخلاف في هذه المسألة نشأ بعد المائة الثالثة أي في بداية القرن الرابع، وأما قبل ذلك فلم يكن الخلاف موجوداً عند السلف رحمهم الله، و إنما كانت المسألة السائغة عندهم هل يُرى الله جل وعلا أو لا يُرى؟
الرابع: أن الخلاف في هذه المسألة ليس من الخلاف الذي يؤثر في الاعتقاد فسواء قيل بأن الكفار والمنافقين يرونه أو لا يرونه فالقضية قضية نظر واجتهاد ولا تؤثر في الاعتقاد، ولشيخ الإسلام ابن تيمية قصة في هذه المسألة حينما حصل النزاع والفرقة والعداوة بين أهل البحرين بسبب هذه المسألة فكتبوا لشيخ الإسلام يسألونه وبيَّن لهم أن هذه المسألة من المسائل التي لا يحصل بها هجران وتبديع وافتراق فليست من مسائل الأصول التي يكون فيها موالاة أو معاداة، وإنما هي من المسائل الاجتهادية.
• عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ. فِي جَنَّةِ عَدْنٍ".
• وعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبِيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ. فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ".
وفي رواية: ثُمَّ تَلاَ هذِهِ الآيَةَ: ï´؟ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىظ° وَزِيَادَةٌ ï´¾ رواه مسلم.
ترجمة راويَي الحديثين:
أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والسبعين من كتاب الإيمان.
وأما صهيب رضي الله عنه فهو: صهيب بن سنان بن مالك الربعي النمري، كنيته أبو يحيى كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس برومي الأصل، وإنما قيل له رومي؛ لأن الروم سبوه صغيراً، فنشأ بالروم، فصار ألكن، فاشترته كلب من الروم، ثم قدموا به إلى مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي منهم فأعتقه، فأقام معه حتى مات ابن جدعان، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسلم وكان من السابقين للإسلام؛ قال الواقدي رحمه الله: " أسلم صهيب وعمار رضي الله عنهما وكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً، وكان من المستضعفين بمكة الذين عذبوا، ولما هاجر صهيب رضي الله عنه إلى المدينة تبعه نفر من المشركين فأخرج كنانته وقال رضي الله عنه:" تعلمون أني من أرماكم، ووالله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فإن كنتم تريدون مالي دلليكم عليه، قالوا: دلنا على مالك ونخلي عنك وتعاهدوا على ذلك فدلهم عليه، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ربح البيع أبا يحيى" وكان صهيب رضي الله عنه شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير كثير شعر الرأس شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه محباً لصهيب رضي الله عنه حتى إنه لما طعن أوصى أن يصلي عليه صهيب، وتوفي صهيب رضي الله عنه بالمدينة سنة 38هـ وقيل سنة 39هـ في شوال ودفن بالمدينة، رضي الله عنه وأرضاه. [انظر أسد الغابة (3/ 36)].
تخريج الحديثين:
حديث أبي موسى رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (180)، وأخرجه البخاري في " كتاب التفسير " " باب (ومن دونهما جنتان )" حديث (4878)، وأخرجه الترمذي في " كتاب صفة الجنة " " باب ما جاء في صفة غرف الجنة" حديث (2528)، وأخرجه ابن ماجه في المقدمة " باب ما أنكرت الجهمية " حديث (186).
شرح ألفاظ الحديثين:
• " جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا": " جَنَّتَانِ " خبر لمبتدأ مخذوف، أي هما جنتان، "آنِيَتُهُمَا" مبتدأ، "مِنْ فِضَّةٍ" خبره مقدم، والجملتان في جواب للسائلين عن حقيقة الجنتين في قوله تعالى ï´؟ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ï´¾ [الرحمن:46].
• " وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ": أي ما بين أهل الجنة ورؤية الله تعالى.
• " تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟": أي من أنواع النعيم.
• " فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ": أي يزيله.
من فوائد الحديثين:
• الفائدة الأولى: الحديثان دليلان على الإيمان بالجنة وأنها دار النعيم للمؤمنين، وأنهما جنتان من فضة وجنتان من ذهب، وفي حديث صهيب رضي الله عنه بيان اسم من أسماء الجنة وهو جنة عدن وكما قال تعالى: ï´؟ جَنَّاتِ عَدْنٍ اَلَّتِيْ وَعَدَ اَلْرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ï´¾ [مريم:61]، ï´؟ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِيْ جَنَّاتِ عَدْنً ï´¾ [الصف:12]
• الفائدة الثانية: الحديثان دليلان على إثبات صفة الوجه لله تعالى، وتقدم الكلام على صفة الوجه في الحديث السابق.
• الفائدة الثالثة: في الحديثين دليل على إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة، والكلام على رؤية الله تعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: رؤية الله تعالى في الدنيا
رؤية الله تعالى في الدنيا مستحيلة، دل َّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع:-
فمن الكتاب: قول الله تعالى لموسى: ï´؟ لَنْ تَرَانِيْ ï´¾ الأعراف: ظ،ظ¤ظ£وكان قد طلب رؤية الله تعالى.
ومن السنة: حديث النواس بن سمعان في ذكر الدجال وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:" اعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت" رواه مسلم.
وأجمع العلماء على أن الله عز وجللا يراه أحد في الدنيا بعينه، ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم، ولو كان الله جل وعلا يُرى في الدنيا أي لو كان ذلك حاصلاً لأحد من العباد لحصل لكليم الله تعالى موسى عز وجل حين سأل ربه ذلك، وإن تعجب فعجب من أولئك السفهاء من المبتدعة الذين يعتقدون أنها قد تحصل رؤية الله تعالى في الدنيا لبعض أوليائهم كما هو موجود في كتب الزنادقة والصوفية، وأفتى بعض علماء الإسلام ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية أن من قال أن أحداً من الأولياء يرى الله سبحانه وتعالى بعينه في الدنيا فإنه يبيَّن له الدليل فإن تاب وإلا قُتل، وإن اعتقد بهذا الاعتقاد مع اعتقاده التفضيل أي يعتقد بأن أولياءه الذين يزعم أنهم يرون الله في الدنيا أفضل من الأنبياء الذين لم تحصل لهم الرؤيا في الدنيا كموسى عز وجل وغيره من الأنبياء فإنه يكفر بهذا الاعتقاد ويقتل مرتداً إن كان مصراً على هذا القول.
فالحاصل أن رؤية الله في الدنيا ممتنعة بإجماع العلماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (في مجموع الفتاوى 3 / 389):" وكذلك كل من ادعى أنه رأى ربه بعينيه قبل الموت فدعواه باطلة باتفاق أهل السنة والجماعة، لأنهم اتفقوا جميعهم على أن أحداً من المؤمنين لا يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت، وثبت ذلك في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما ذكر الدجال قال:" واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت ".
ثانياً: رؤية الله في الآخرة قبل دخول الجنة
اختلف أهل العلم في رؤية الله تعالى في المحشر وقبل الحساب هل هي خاصة للمؤمنين، أو أنها عامة لأهل المحشر كلهم مؤمنهم ومنافقهم وكافرهم، وقبل ذكر الخلاف لابد من معرفة عدة أمور:
الأول: أهل السنة والجماعة متفقون على أن المؤمنين يرون ربهم في المحشر فلم يخالف في ذلك أحد.
الثاني: أهل السنة والجماعة متفقون على أن رؤية الله في عرصات يوم القيامة لا تكون رؤية نعيم وتكريم وتلذذ إلا للمؤمنين، بخلاف غيرهم من الكفار والمنافقين فعلى قول من يقول أنهم يرونه فإنها ليست رؤية نعيم وتكريم.
الثالث: أن الخلاف في هذه المسألة نشأ بعد المائة الثالثة أي في بداية القرن الرابع، وأما قبل ذلك فلم يكن الخلاف موجوداً عند السلف رحمهم الله، و إنما كانت المسألة السائغة عندهم هل يُرى الله جل وعلا أو لا يُرى؟
الرابع: أن الخلاف في هذه المسألة ليس من الخلاف الذي يؤثر في الاعتقاد فسواء قيل بأن الكفار والمنافقين يرونه أو لا يرونه فالقضية قضية نظر واجتهاد ولا تؤثر في الاعتقاد، ولشيخ الإسلام ابن تيمية قصة في هذه المسألة حينما حصل النزاع والفرقة والعداوة بين أهل البحرين بسبب هذه المسألة فكتبوا لشيخ الإسلام يسألونه وبيَّن لهم أن هذه المسألة من المسائل التي لا يحصل بها هجران وتبديع وافتراق فليست من مسائل الأصول التي يكون فيها موالاة أو معاداة، وإنما هي من المسائل الاجتهادية.
تعليق