• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حديث رؤية الله في الجنة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حديث رؤية الله في الجنة

    حديث رؤية الله في الجنة

    عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ. فِي جَنَّةِ عَدْنٍ".
    وعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبِيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ. فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ".
    وفي رواية: ثُمَّ تَلاَ هذِهِ الآيَةَ: ï´؟ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىظ° وَزِيَادَةٌ ï´¾ رواه مسلم.

    ترجمة راويَي الحديثين:
    أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والسبعين من كتاب الإيمان.
    وأما صهيب رضي الله عنه فهو: صهيب بن سنان بن مالك الربعي النمري، كنيته أبو يحيى كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس برومي الأصل، وإنما قيل له رومي؛ لأن الروم سبوه صغيراً، فنشأ بالروم، فصار ألكن، فاشترته كلب من الروم، ثم قدموا به إلى مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي منهم فأعتقه، فأقام معه حتى مات ابن جدعان، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسلم وكان من السابقين للإسلام؛ قال الواقدي رحمه الله: " أسلم صهيب وعمار رضي الله عنهما وكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً، وكان من المستضعفين بمكة الذين عذبوا، ولما هاجر صهيب رضي الله عنه إلى المدينة تبعه نفر من المشركين فأخرج كنانته وقال رضي الله عنه:" تعلمون أني من أرماكم، ووالله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فإن كنتم تريدون مالي دلليكم عليه، قالوا: دلنا على مالك ونخلي عنك وتعاهدوا على ذلك فدلهم عليه، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ربح البيع أبا يحيى" وكان صهيب رضي الله عنه شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير كثير شعر الرأس شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه محباً لصهيب رضي الله عنه حتى إنه لما طعن أوصى أن يصلي عليه صهيب، وتوفي صهيب رضي الله عنه بالمدينة سنة 38هـ وقيل سنة 39هـ في شوال ودفن بالمدينة، رضي الله عنه وأرضاه. [انظر أسد الغابة (3/ 36)].

    تخريج الحديثين:
    حديث أبي موسى رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (180)، وأخرجه البخاري في " كتاب التفسير " " باب (ومن دونهما جنتان )" حديث (4878)، وأخرجه الترمذي في " كتاب صفة الجنة " " باب ما جاء في صفة غرف الجنة" حديث (2528)، وأخرجه ابن ماجه في المقدمة " باب ما أنكرت الجهمية " حديث (186).

    شرح ألفاظ الحديثين:
    " جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا": " جَنَّتَانِ " خبر لمبتدأ مخذوف، أي هما جنتان، "آنِيَتُهُمَا" مبتدأ، "مِنْ فِضَّةٍ" خبره مقدم، والجملتان في جواب للسائلين عن حقيقة الجنتين في قوله تعالى ï´؟ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ï´¾ [الرحمن:46].
    " وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ": أي ما بين أهل الجنة ورؤية الله تعالى.
    " تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟": أي من أنواع النعيم.
    " فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ": أي يزيله.

    من فوائد الحديثين:
    الفائدة الأولى: الحديثان دليلان على الإيمان بالجنة وأنها دار النعيم للمؤمنين، وأنهما جنتان من فضة وجنتان من ذهب، وفي حديث صهيب رضي الله عنه بيان اسم من أسماء الجنة وهو جنة عدن وكما قال تعالى: ï´؟ جَنَّاتِ عَدْنٍ اَلَّتِيْ وَعَدَ اَلْرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ï´¾ [مريم:61]، ï´؟ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِيْ جَنَّاتِ عَدْنً ï´¾ [الصف:12]
    الفائدة الثانية: الحديثان دليلان على إثبات صفة الوجه لله تعالى، وتقدم الكلام على صفة الوجه في الحديث السابق.
    الفائدة الثالثة: في الحديثين دليل على إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة، والكلام على رؤية الله تعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
    أولاً: رؤية الله تعالى في الدنيا
    رؤية الله تعالى في الدنيا مستحيلة، دل َّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع:-
    فمن الكتاب: قول الله تعالى لموسى: ï´؟ لَنْ تَرَانِيْ ï´¾ الأعراف: ظ،ظ¤ظ£وكان قد طلب رؤية الله تعالى.
    ومن السنة: حديث النواس بن سمعان في ذكر الدجال وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:" اعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت" رواه مسلم.

    وأجمع العلماء على أن الله عز وجللا يراه أحد في الدنيا بعينه، ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم، ولو كان الله جل وعلا يُرى في الدنيا أي لو كان ذلك حاصلاً لأحد من العباد لحصل لكليم الله تعالى موسى عز وجل حين سأل ربه ذلك، وإن تعجب فعجب من أولئك السفهاء من المبتدعة الذين يعتقدون أنها قد تحصل رؤية الله تعالى في الدنيا لبعض أوليائهم كما هو موجود في كتب الزنادقة والصوفية، وأفتى بعض علماء الإسلام ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية أن من قال أن أحداً من الأولياء يرى الله سبحانه وتعالى بعينه في الدنيا فإنه يبيَّن له الدليل فإن تاب وإلا قُتل، وإن اعتقد بهذا الاعتقاد مع اعتقاده التفضيل أي يعتقد بأن أولياءه الذين يزعم أنهم يرون الله في الدنيا أفضل من الأنبياء الذين لم تحصل لهم الرؤيا في الدنيا كموسى عز وجل وغيره من الأنبياء فإنه يكفر بهذا الاعتقاد ويقتل مرتداً إن كان مصراً على هذا القول.
    فالحاصل أن رؤية الله في الدنيا ممتنعة بإجماع العلماء.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية (في مجموع الفتاوى 3 / 389):" وكذلك كل من ادعى أنه رأى ربه بعينيه قبل الموت فدعواه باطلة باتفاق أهل السنة والجماعة، لأنهم اتفقوا جميعهم على أن أحداً من المؤمنين لا يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت، وثبت ذلك في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما ذكر الدجال قال:" واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت ".

    ثانياً: رؤية الله في الآخرة قبل دخول الجنة
    اختلف أهل العلم في رؤية الله تعالى في المحشر وقبل الحساب هل هي خاصة للمؤمنين، أو أنها عامة لأهل المحشر كلهم مؤمنهم ومنافقهم وكافرهم، وقبل ذكر الخلاف لابد من معرفة عدة أمور:
    الأول: أهل السنة والجماعة متفقون على أن المؤمنين يرون ربهم في المحشر فلم يخالف في ذلك أحد.
    الثاني: أهل السنة والجماعة متفقون على أن رؤية الله في عرصات يوم القيامة لا تكون رؤية نعيم وتكريم وتلذذ إلا للمؤمنين، بخلاف غيرهم من الكفار والمنافقين فعلى قول من يقول أنهم يرونه فإنها ليست رؤية نعيم وتكريم.
    الثالث: أن الخلاف في هذه المسألة نشأ بعد المائة الثالثة أي في بداية القرن الرابع، وأما قبل ذلك فلم يكن الخلاف موجوداً عند السلف رحمهم الله، و إنما كانت المسألة السائغة عندهم هل يُرى الله جل وعلا أو لا يُرى؟
    الرابع: أن الخلاف في هذه المسألة ليس من الخلاف الذي يؤثر في الاعتقاد فسواء قيل بأن الكفار والمنافقين يرونه أو لا يرونه فالقضية قضية نظر واجتهاد ولا تؤثر في الاعتقاد، ولشيخ الإسلام ابن تيمية قصة في هذه المسألة حينما حصل النزاع والفرقة والعداوة بين أهل البحرين بسبب هذه المسألة فكتبوا لشيخ الإسلام يسألونه وبيَّن لهم أن هذه المسألة من المسائل التي لا يحصل بها هجران وتبديع وافتراق فليست من مسائل الأصول التي يكون فيها موالاة أو معاداة، وإنما هي من المسائل الاجتهادية.

  • #2


    وخلاف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:
    القول الأول: أن رؤية الله في المحشر تكون لأهل الموقف جميعاً للمؤمنين والكافرين ومنهم المنافقين.
    وقالوا بأن الكفار يرونه ابتداءً ثم يحجبون عن رؤيته لقوله تعالى: ï´؟ كّلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوْبُونَ ï´¾ ولكنهم قالوا إن رؤية الكفار لله تعالى رؤية عذاب، واستدلوا بالأحاديث التي فيها تكليم الله تعالى لأهل المحشر وقت الحساب كحديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة رضي الله عنه وكلاهما في الصحيحين وسيأتيان قريبا، وفيه أن الله عز وجل يقول لأهل المحشر:" من كان يعبد شيئاً فليتبعه فيذهب الذين يعبدون الطواغيت، ويأتي اليهود والنصارى فيمثل لهم شيطان عزير وشيطان المسيح..." والحديث فيه دلالة على تكليم الله لهم حيث قال:" من كان يعبد شيئاً فليتبعه " فقالوا ما دام أنه يكلمهم فهم يرونه، فجعلوا من التكليم دليلاً على الرؤية، والصواب أنه لا يلزم من التكليم الرؤية فهذا قول مرجوح والله أعلم.

    والقول الثاني: أنه يراه المؤمنون والمنافقون دون الكافرين الأصليين، واختار هذا القول ابن خزيمة في التوحيد.
    واستدلوا: بحديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين بعد ما ذكر ذهاب كل طائفة من الكفار مع معبودهم فيلقون في النار – كما تقدم – قال النبي صلى الله عليه وسلم:"... وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تبارك وتعالى، في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله تبارك تعالى في صورته التي يعرفون، فيقول أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه... " الحديث.

    القول الثالث: أن الرؤية في المحشر خاصة بالمؤمنين فقط، واختار هذا القول النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله [انظر شرح مسلم للنووي (1/ 35) وانظر مجموع الفتاوى (6/ 465)].
    واستدلوا: بحديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين الذي تقدم ففي أوله:" أن ناساً قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال:" هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال:" فإنكم ترونه كذلك " وأما غير المؤمنين فلا يرون ربهم لقوله تعالى:ï´؟ كّلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوْبُونَ ï´¾.
    وردَّ أصحاب هذا القول على أصحاب القول الثاني بأن استدلالهم ليس فيه دلالة على أن المنافقين يرون ربهم.
    قال النووي:" ثم اعلم أن هذا الحديث قد يتوهم منه أن المنافقين يرون الله تعالى مع المؤمنين، وقد ذهب إلى ذلك طائفة حكاه ابن فورك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تعالى " وهذا الذي قالوه باطل بل لا يراه المنافقون بإجماع من يعتد به من علماء المسلمين وليس في هذا الحديث تصريح برؤيتهم الله تعالى، وإنما فيه أن الجمع الذي فيه المؤمنون والمنافقون يرون الصورة ثم بعد ذلك يرون الله تعالى وهذا لا يقتضي أن يراه جميعهم وقد قامت دلائل الكتاب والسنة على أن المنافق لا يراه سبحانه وتعالى والله أعلم ".

    ثالثاً: رؤية الله تعالى في الجنة
    باتفاق أهل السنة والجماعة أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، والجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة ورؤية الله في الجنة أعظم نعيم.
    ورؤية المؤمنين لربهم في الجنة دلَّ عليها الكتاب والسنة والإجماع:
    فمن الكتاب:
    1- قوله تعالى: ï´؟ وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾ (ناضرة): أي حسنة من النضارة، و( ناظرة )من النظر.
    قال الإمام البيهقي في كتابه (الرؤية ): هذا تفسير قد استفاض واشتهر فيما بين الصحابة والتابعين، ومثله لا يقال إلا بتوقيف، وفسروا قوله تعالى:ï´؟ وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾ قال ابن عباس: ناضرة حسنة إلى ربها ناظرة،ناظرة إلى الخالق، وقال عكرمة: ناضرة من النعيم، إلى ربها ناظرة تنظر إلى الله نظراً "
    2- وقوله تعالى: ï´؟ لِلَّذِيْنَ أَحْسَنُواْ اَلْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ï´¾ فالحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم، كما سيأتي.

    من السنة: فالأحاديث متواترة عن الصحابة في إثبات هذا المعتقد ومن ذلك:
    1- حديث صهيب في الباب حيث فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الزيادة في قوله: ï´؟ لِلَّذِيْنَ أَحْسَنُواْ اَلْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ï´¾ بأنها رؤية الله تعالى في الجنة، وهكذا فسرها الصحابة رضوان الله عليهم كأبي بكر الصديق، وحذيفة، وأبي موسى، وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
    2- حديث أبي موسى رضي الله عنه في الباب.
    3- حديث جرير بن عبدالله قال: كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال:" إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " يعني بذلك صلاة الفجر والعصر، والحديث متفق عليه.
    وأجمع المسلمون على إثبات رؤية الله تعالى في الجنة ولم يخالف ذلك إلا مبتدع.
    قال الإمام أحمد:" ومن لم يقل بالرؤية فهو جهمي، وقال مرة: هو زنديق، وقال أيضاً: وقد بلغه عن رجل قال: إن الله لا يُرى في الآخرة؟ فغضب غضباً شديداً وقال: من قال إن الله لا يُرى في الآخرة فهو كافر، أو فقد كفر عليه لعنة الله وغضبه كائناً من كان من الناس، أليس يقول الله عز وجل: ï´؟ وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾، وقال: ï´؟ كّلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوْبُونَ ï´¾ وقال أيضاً: يستتاب فإن تاب وإلا قُتل ".


    المبحث الثاني: المخالفون لأهل السنة
    المخالفون لأهل السنة في مسألة الرؤية على قسمين:
    1- قسم أنكروا الرؤية صراحة وهم: الجهمية والمعتزلة والرافضة والإباضية وهي إحدى طوائف الخوارج وغيرهم فهؤلاء ينكرون الرؤية ويؤولون الأدلة المثبتة للرؤية فيقولون في قوله تعالى: ï´؟ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾: أي إلى ثواب ربها ناظرة.
    والرد عليهم:
    1- أن هذا مخالف لطريقة السلف وإجماعهم على إثبات الرؤية كما تقدم بيانه.
    2- أن هذا مخالف لظاهر النص، فظاهر النصوص دالة على إثبات الرؤية.
    3- أن تأويلكم ضعيف جداً، ومخالف لقواعد اللغة، ووجه ذلك: أن لفظ (نظر) إذا عُدِّي بحرف الجر (إلى) كما في قوله تعالى ï´؟ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾ لا يمكن أن يكون المقصود منه إلا النظر البصري معاينة، بخلاف ما لو عُدِّي بحرف الجر (في) فإنه يكون بمعنى التفكر كقوله تعالى: ï´؟ قُلِ اِنْظُرُواْ مَاذَاْ فِي اَلْسَّمَوَاتِ وَاَلْأَرْض ï´¾ وقوله تعالى: ï´؟ أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوْتِ اَلْسَّمَوَاتِ وَاَلْأَرْضِ ï´¾ وأما إذا عُدِّي بنفسه فإنه يكون بمعنى التوقف والانتظار كقوله تعالى: ï´؟ اُنْظُرُوْنَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُوْرِكُم ï´¾ والمهم أنه إذا عُدِّي بنفسه أو بـ (إلى) فإنه يكون بمعنى النظر بالعين كقوله تعالى: ï´؟ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾ وقوله تعالى: ï´؟ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ï´¾ وقوله: ï´؟ اْنظُرُواْ إِلَى ثَمَرِهِ إذا أَثْمَرَ وَيَنعِهِ ï´¾.


    2- والقسم الثاني أنكروا الرؤية ليس صراحة وإنما في مفهوم معتقدهم وهم:
    الأشاعرة والماتريدية فهؤلاء باعتقادهم أنهم يثبتون الرؤية ويقولون: نثبت رؤية المؤمنين لربهم، ولكن حينما ننظر كيف يثبتون الرؤية؟ فإننا نجدهم كمن ينكرها، ووجه ذلك أنهم يقولون: إن الله عز وجل يُرى يوم القيامة، ولكنه لا يُرى عن مواجهة ومعاينة بأن ينظروا إليه بأبصارهم، وإنما الرؤية عندهم رؤية علمية بمعنى العلم واليقين والكشف، وهذا نفي للرؤية في حقيقة معناه لأنهم يقولون نحن نثبت الرؤية وأن المؤمنين يرون ربهم لكنهم يرونه بقلوبهم لا بأبصارهم، وهم اعتقدوا الرؤية بهذا المفهوم لأنهم كما سبق ينكرون العلو الذاتي لله تعالى فوقعوا في تناقض لأنهم إذا أثبتوا الرؤية البصرية لا بد أن يثبتوا العلو الذاتي لله تعالى فوقعوا في هذا الحرج، وهم عند أنفسهم أنهم يثبتون رؤية الله بل إن هؤلاء الأشاعرة ألفوا المؤلفات في إثبات الرؤية وردُّوا على المعتزلة، والمعتزلة ردَّوا عليهم بأن اعتقادكم متناقض لأن من أثبت الرؤية لابد أن يثبت العلو، هذا هو ملخص اعتقاد الأشاعرة ومن تبعهم.
    والرد عليهم كما سبق:
    1- أن هذا مخالف لطريقة السلف وإجماعهم.
    2- أن هذا مخالف لظاهر النصوص الدالة على إثبات حقيقة الرؤية فالآيات تدل على النظر بالبصر لا بغيره من تأويلاتكم الباطلة.
    3- أن مفهومكم في إثباتكم للرؤية مفهوم خاطئ فهو في حقيقته إنكار للرؤية، مع ما فيه من التناقض والفساد.
    4- أن مما يدل على أن الرؤية تكون بالبصر قوله تعالى: ï´؟ وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾.
    ووجه الدلالة: أن الله عز وجل جعل الوجوه هي الناظرة لربها، والوجوه عُبِّر بها لأنها محل ٌّ للأبصار.

    المبحث الثالث: من أسباب رؤية الله تعالى
    1- أن يسأل العبدُ ربَّه النظرَ إلى وجهه الكريم.
    لحديث عمار بن ياسر وفيه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ومنه:" وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة " الحديث رواه أحمد والنسائي والحاكم.
    2- المحافظة على صلاة الفجر والعصر
    لحديث جرير بن عبدالله الذي تقدم قال: كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال:" إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " متفق عليه، والمقصود بهما صلاة الفجر والعصر.


    الفائدة الرابعة: حديث صهيب رضي الله عنه دليل على أن أعظم نعيم يناله المؤمن في الجنة هو رؤية الله تعالى، ولذا كان زيادة على الإحسان وهو أعلى مراتب الإحسان لأهل الجنة – نسأل الله من فضله – لما فيه من اللذة والامتنان العظيم ولذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:"وأسألك لذة النظر إلى وجهك" أخرجه النسائي في سننه حديث (1305)، وعبد الرزاق في مصنفه حديث (19647).




    الالوكة

    تعليق


    • #3
      شكراً لنقلك الموفق والمفيد ...


      تعليق


      • #4
        الله يعافيك على الموضوع المفيد ويجزاك عنا كل خير
        الشكر والإمتنان لك

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خير على حسن الاختيار
          و بارك الله فيك




          تعليق


          • #6

            تعليق

            يعمل...
            X