• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التضخم في السعودية من "زاحف" إلى "جامح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التضخم في السعودية من "زاحف" إلى "جامح

    [align=center][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ظاهرة ارتفاع الأسعار ..المسببات والحلول هل يتحول التضخم في السعودية من "زاحف" إلى "جامح"؟ د. فهد السلطان - أمين عام الغرف السعودية - - 22/08/1428هـ كثرت المناقشات والآراء حول ظاهرة ارتفاع الأسعار وآليات التعامل معها، إلا أن الكل يكاد يتفق على أن ارتفاع الأسعار بالشكل الحالي أمر غير مرغوب، وليس في صالح الجميع، أغنياء وفقراء، منتجين ومستهلكين، فالجميع في النهاية مستهلك يناله قسط من هذا الارتفاع في الأسعار. وسأحاول في هذا المقام القيام بقراءة موضوعية متأنية لهذه الظاهرة وتطورها ومسبباتها، والآليات المتاحة للتعامل معها وما يحيط بها من محددات ومحاذير، وصولاً إلى طرح رؤى شخصية ـ ربما يتفق أو يختلف البعض معها ـ للآليات المثلي التي أعتقد أنه بالإمكان اتباعها للتعامل مع هذه الظاهرة في الأجلين القصير والطويل للحد من ارتفاع الأسعار، وذلك بشكل موضوعي، يراعي مصالح المستهلكين والمنتجين والمستوردين، في إطار تحقيق المصلحة العامة للاقتصاد الوطني. تطور ظاهرة ارتفاع الأسعار في الاقتصاد الوطني من الملاحظ أن الاقتصاد الوطني يشهد منذ بداية عام 2006 موجة من الارتفاع في المستوى العام للأسعار، وهو ما يمكن رصده بوضوح في ارتفاع معدلات التضخم خلال هذه الفترة، فوفقاً للمؤشرات الرسمية تجاوز معدل التضخم النسب المعتادة خلال السنوات الأخيرة ليصل إلى نحو 3 في المائة بنهاية عام 2006م، ثم واصل ارتفاعه ليصل إلى نحو 3.83 في المائة في تموز (يوليو) 2007. وهو ما يؤكد أن ارتفاع معدل التضخم خلال الفترة الأخيرة تطور جدير بالاهتمام من القطاعين الحكومي والخاص، وذلك بعد أن بدأت أعراض هذا التضخم في الظهور في ارتفاع أسعار السلع بنسب متفاوتة، وبشكل واضح في أسعار بعض السلع الغذائية، وبعد أن بدأ المواطنون يستشعرون خطورة هذا التضخم. الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار في أسواق المملكة يبدو أن هناك تفاوتا في الآراء حول الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار في المملكة خلال عامي 2006 و2007م، إلا أن التشخيص الموضوعي لهذه الظاهرة يوضح أن هناك مجموعة من الأسباب أسهمت في ارتفاع الأسعار، وأهمها ارتفاع الأسعار العالمية للعديد من السلع التي تستوردها المملكة من الخارج، وتغير بعض الظروف المحلية المتعلقة بالعوامل التي كانت تدعم استقرار الأسعار في الماضي. وذلك على النحو التالي: 1 ـ ارتفاع الأسعار العالمية تؤكد الأرقام والحقائق أن هناك ارتفاعا في الأسعار العالمية للعديد من السلع، بخاصة السلع الغذائية، وذلك إما لنقص المعروض منها وإما لزيادة الطلب عليها، وإما لارتفاع تكاليف الإنتاج الناجمة عن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط. وهذه المشكلة مشكلة عالمية تعانيها معظم دول العالم، وربما بشكل أكثر حدة من المملكة في بعض دول المنطقة. فالبيانات الصادرة عن البنك الدولي تشير إلى نسبة الارتفاع في أسعار سلعة مثل الأرز بلغت نحو 15 في المائة في الربع الثاني من عام 2007 مقارنة بالربع الرابع من عام 2005، ونسبة الارتفاع في سعر السكر بلغت نحو 2.7 في المائة، والقمح 56.4 في المائة، والشاي 10.8 في المائة، والقهوة 2.4 في المائة، والزيوت النباتية نحو 30 في المائة خلال الفترة نفسها. 2 ـ ارتفاع فاتورة واردات المملكة بسبب تراجع قيمة الدولار أيضاً حدث ارتفاع في فاتورة واردات المملكة خلال السنوات الأخيرة، بسبب استمرار ربط الريال بالدولار، في ظل التراجع المتواصل في قيمة الدولار دولياً، الذي بلغ ذروته عام 2007، فقد زاد تراجع الدولار أمام اليورو والجنيه الاسترليني عندما بلغ اليورو نحو 1.36 دولار، وتجاوز الجنيه الاسترليني الدولارين بقليل لأول مرة في النصف الثاني من نيسان (أبريل) عام 2007. وهذا الأمر أدى إلى تراجع قيمة الريال مقابل العملات الأخرى بالتبعية، ومن ثم ارتفاع تكلفة الواردات السعودية من الدول التي تتعامل بعملات غير الدولار مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والصين، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة من هذه الدول في السوق المحلية. والجدير بالذكر أن هناك جهات وطنية قدرت التضخم المستورد بأقل قليلاً من 50 في المائة من إجمالي معدل التضخم في المملكة. ويكفي هنا الإشارة إلى أن الأرقام توضح أن الريال تراجع بمعدل 11 في المائة أمام اليورو، وبمعدل 0.9 في المائة أمام الين، وبمعدل 4.1 في المائة أمام اليوان الصيني، وبمعدل 11.4 في المائة أمام الجنيه الاسترليني، وبمعدل 8.3 في المائة أمام الدولار، وذلك خلال الفترة من نهاية عام 2005 حتى آذار (مارس) 2007. 3 ـ ارتفاع أسعار السلع المحلية بالتبعية إضافة إلى ذلك لا يمكن إغفال ارتفاع أسعار السلع المحلية، فنتيجة لارتفاع أسعار الواردات من السلع النهائية ومستلزمات الإنتاج، حدث بالتبعية ارتفاع في أسعار السلع والخدمات المحلية التي تدخل في إنتاجها مكونات مستوردة، وهذا كان واضحاً في ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمشروبات ذات المكون الأجنبي، كما في حالة منتجات الألبان، التي أعلن منتجوها في آب (أغسطس) 2007 أنهم مضطرون إلى رفع الأسعار بسبب ارتفاع المكونات المستوردة المستخدمة في إنتاجها. كما حدث ارتفاع في أسعار السلع الزراعية في نهاية عام 2006، وخلال الربع الأول من عام 2007م بسبب ارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعي، وبسبب الأحوال الجوية غير المواتية، وزيادة تصدير بعض المنتجات الزراعية للدول المجاورة, كما ارتفعت إيجارات المساكن في معظم مدن المملكة بشكل ملحوظ خلال 2005، 2006، و2007، بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء، وزيادة الطلب على السكن الناجم عن الهجرة الداخلية، ونقص المعروض من المساكن. كما ساعدت على ارتفاع أسعار السلع المنتجة محلياً مجموعة إضافية من العوامل أهمها زيادة الطلب عليها في ظل الطفرة الاقتصادية الراهنة، وارتفاع تكلفة عنصر العمل في بعض القطاعات نتيجة نقص الأيدي العاملة الماهرة، وتنافس المنشآت على عدد محدود من هذه العمالة، في ظل تقييد عملية الاستقدام في إطار عملية السعودة.[/align]

  • #2
    4 ـ السياسة المالية والنقدية التوسعية في المملكة من الملاحظ خلال السنوات الأخيرة أن المملكة تتبع سياسة مالية ونقدية توسعية في ظل الطفرة في العوائد النفطية متمثلة في الآتي: أ ـ زيادة النفقات العامة: حيث ارتفعت النفقات العامة من 257 مليار ريال عام 2003 لتصل إلى نحو 390 مليار ريال عام 2006. ب ـ زيادة عرض النقود: حيث زاد حجم النقد المتداول في الاقتصاد الوطني من نحو 553675 مليون ريال عام 2005 ليصل إلى نحو 660583 مليون ريال عام 2006، ثم يواصل ارتفاعه ليصل إلى نحو 709333 مليون ريال في تموز (يوليو) 2007. ج ـ إطفاء الدين العام لأقصى درجة ممكنة: حيث حرصت الحكومة على تسديد الدين العام، ليتراجع من نحو 614 مليار ريال عام 2004 إلى 475 مليار ريال عام 2005، ثم إلى 366 مليار ريال عام 2006، كما أعلنت الحكومة عن توجهها لإطفاء هذا الدين لأقصى درجة ممكنة خلال الفترة المقبلة. ويضاف إلى ما سبق من السياسات التوسعية سياسة تقليل الأعباء الضريبية على المنشآت الإنتاجية والخدمية، ورفع الأجور النقدية للموظفين بمعدل 15 في المائة عام 2005. وهذه السياسة على الرغم من الآثار الإيجابية لها على رفاهية المواطنين، إلا أنها ربما أدت إلى ارتفاع الدخول النقدية وارتفاع الأسعار بسبب زيادة الطلب، وتراجع القوة الشرائية لدخول الأفراد، خاصة في ظل توجه الجانب الأكبر من هذه الدخول للإنفاق الاستهلاكي. العوامل التي حدت من ارتفاع الأسعار في أسواق المملكة لقد كانت العوامل السابقة هي أهم العوامل التي أدت إلى ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم في المملكة خلال الفترة الأخيرة، وقد كان من الممكن أن يكون الارتفاع في الأسعار ومعدل التضخم أكبر من ذلك بكثير لولا مجموعة من العوامل التي جذبت معدل التضخم إلى أسفل خلال عام 2006، وأهم هذه العوامل ما يلي: 1 ـ تخفيض أسعار المحروقات من البنزين والديزل بنسبة 30 في المائة، وهو ما أسهم في تخفيض تكاليف النقل ابتداءً من أيار (مايو) 2006. 2 ـ تراجع أسعار خدمات الاتصالات وخاصة ما يتعلق بالهاتف المحمول والثابت، نتيجة زيادة المنافسة في هذا القطاع والإعلان عن ترخيص لمشغل ثالث في مجال الهاتف المحمول، وترخيص ثان في مجال الهاتف الثابت. وهو ما أدى إلى تراجع الرقم القياسي لتكاليف النقل والاتصالات. بدائل ومحددات الإجراءات المتاحة للسيطرة على ارتفاع الأسعار يعتقد البعض أنه من السهولة بمكان السيطرة على ارتفاع الأسعار بقرارات إدارية من الحكومة متمثلة في تحديد الأسعار، ولكن هذه السياسة لها مخاطرها في ظل آليات السوق والاقتصاد الحر، ولأن أضرارها على الاقتصاد الوطني في الأجل الطويل خطيرة. وتكمن المشكلة في أن السيطرة على الأسعار في ظروف المملكة تتطلب سياسات اقتصادية أغلبها سياسات انكماشية غير مرغوبة، لأن اتباعها سيزيد من البطالة ويؤدي إلى الركود الاقتصادي، ويحد من قدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق معدلات نمو مرتفعة تستغل الطفرة النفطية لتوسيع القاعدة الاقتصادية وتنويعها. لذلك هناك محددات ومحاذير لكل بديل من البدائل التي يمكن اتباعها للسيطرة على ارتفاع الأسعار، وأقوم بطرحها فقط لتوضيح إيجابيات وسلبيات كل بديل، وهذا لا يعني بالضرورة الموافقة على اللجوء إليها لعلاج المشكلة، وذلك على النحو التالي: 1 ـ البديل الأول: التدخل بقرارات إدارية من الحكومة لتحديد الأسعار أو منع ارتفاعها لبعض السلع الأساسية. وذلك من خلال قيام الحكومة بتحديد أسعار منخفضة لسلع مثل الغاز، الكهرباء، المياه، والسلع الغذائية الضرورية, وتشديد إجراءات مراقبة الأسعار. وعلى الرغم من أن هذه السياسة ربما تنجح في وقف زحف التضخم إلى أعلى، ولكن ستكون لها تداعيات سلبية على مناخ الاستثمار، وستعوق برامج التخصيص وإعادة الهيكلة التي بدأتها الحكومة في قطاعات مثل المياه والكهرباء، كما سينظر إلى هذا الإجراء من جانب المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب على أنه تراجع عن سياسة الاقتصاد الحر التي تتبناها المملكة في ظل عضويتها في منظمة التجارة العالمية. 2 ـ البديل الثاني: التدخل بقرار حكومي لوقف ارتفاع إيجارات العقارات. وذلك بإصدار قرار أو نظام لتحديد نسبة سنوية لزيادة الإيجارات، (5 في المائة مثلاً)، ورغم أن هذه السياسة قد تؤدي إلى السيطرة على ارتفاع الإيجارات، ومن ثم السيطرة نسبياً على ارتفاع معدل التضخم، ولكن سيكون ذلك على حساب انتعاش القطاع العقاري، حيث سيؤثر هذا في توجه الاستثمارات نحو العقارات، وهو ما قد يفاقم مشكلة الإسكان في المملكة بخلق شح في المعروض من الوحدات السكنية، كما قد يشجع على هروب الاستثمارات العقارية إلى الخارج، وهو ما يعني مزيدا من ارتفاع الإيجارات في الأجل الطويل. 3 ـ البديل الثالث: رفع قيمة الريال أمام الدولار، ويتم ذلك من خلال فك الارتباط بين الريال والدولار، أو تقييمه عند مستوى أعلى، أو السماح بهامش تذبذب أكبر للريال. وقد يكون لذلك أثر ملموس في وقف أو تقليل نسب التضخم المستورد من الخارج لبعض السلع، بسبب ارتفاع أسعار وفاتورة الواردات، ولكن هذا سيفتح الباب أمام المضاربات على الريال، وهو ما يمكن أن يؤثر في الاستقرار النقدي، ما يؤثر بدوره في الاستثمارات، ويخلق صعوبات تتعلق بتغيير سعر صرف الريال كلما تحركت أسعار النفط. وربما لا تنجح هذه السياسة في السيطرة على التضخم، والتجربة الكويتية في هذا المجال تعطي مؤشرات قوية على ذلك. 4 ـ البديل الرابع: منع أو تقييد تصدير المنتجات المحلية التي ارتفع ثمنها وخاصة السلع الزراعية. وذلك من خلال إصدار قرار بمنع تصدير بعض المنتجات الزراعية في المواسم التي يقل فيه إنتاجها بسبب سوء الأحوال الجوية، أو فرض رسوم على هذه النوعية من الصادرات لخفض الكميات المصدرة. وربما يسهم ذلك في الحد من صادرات السلع التي يشملها هذا القرار، مما يساعد على توافرها بكميات أكبر في الأسواق المحلية، ومن ثم الحد من ارتفاع أسعارها خاصة في المواسم المشار إليها، ومع ذلك قد يكون لهذا القرار آثار سلبية في الاستثمارات، ما يشجعها على الانتقال إلى أنشطة أخرى أو الهروب إلى الخارج. كما قد يؤدى هذا القرار إلى فقدان المنتجات الوطنية المشار إليها أسواقها الخارجية، مما يصعب معه استعادة هذه الأسواق في المواسم التي يزيد فيها الإنتاج. ويؤثر في حصيلة الصادرات، وفي عملية تنويع القاعدة الاقتصادية. 5 ـ البديل الخامس: رفع سعر الفائدة، حيث إن رفع سعر الفائدة سيساعد على زيادة الادخار، وتقليل الاقتراض، وهو ما يقلل حجم السيولة في الأسواق، ويعمل على تقليل الأسعار ومعدل التضخم. وفي الغالب يؤثر هذا الإجراء في معدل التضخم عندما تلجأ إليه الحكومات، ولكن في حالة المملكة سيكون هناك أثر ضعيف لهذا الإجراء في معدل التضخم بسبب عدم تقاضي معظم السعوديين فوائد مقابل ودائعهم، إضافة إلى ضعف أثر هذا الإجراء في ظل ربط الريال بالدولار، ومن ثم تأثر سعر الفائدة في المملكة بسعر الفائدة الأمريكي. ومع ذلك سيكون لهذا الإجراء آثاره السلبية في الاستثمار بسبب رفع تكلفة الأموال، ومن ثم تقليل فرص العمل التي يخلقها هذا الاستثمار، وهو ما لا يصب في صالح تقليص معدلات البطالة. 6 ـ البديل السادس: تقليص النفقات الحكومية، وجدولة تنفيذ بعض المشاريع. ويتم ذلك من خلال تقليص النفقات الحكومية المقدرة في الموازنة العامة وخاصة النفقات المخصصة للاستهلاك الحكومي، وكذلك جدولة تنفيذ المشاريع المقررة خلال السنوات المقبلة على فترة أطول، أو تأجيل بعضها. وربما يؤدي ذلك إلى تقليل معدل التضخم من خلال تقليل الطلب الحكومي، وتقليل نسبة السيولة التي يتم ضخها في الاقتصاد، ولكن خطورة هذا الخيار هو خفض معدل النمو المحقق، وتعطيل المشاريع التي تعد أغلبها مهمة للمواطنين، خاصة مشاريع المرافق العامة في مجالات المياه والصحة والكهرباء والتعليم والطرق وغيرها من المجالات المهمة، مما يكون على حساب رفاهية المواطن. رؤية شخصية حول آليات التعامل مع ظاهرة ارتفاع الأسعار في إطار التحليل السابق، والقراءة المتأنية في أغلب البدائل والأفكار التي طرحت على الساحة للتعامل مع ظاهرة ارتفاع الأسعار في المملكة، وفي ضوء الدروس المستفادة من التجارب الدولية، فإن رؤيتنا الشخصية ـ التي ربما يتفق أو يختلف معها البعض ـ بشأن آليات التعامل مع هذه الظاهرة في الأجلين القصير والطويل تتمثل في الآتي: 1 ـ ضرورة الاتفاق على أن ظاهرة التضخم وارتفاع الأسعار في المملكة خلال الفترة الأخيرة تعد متغيرا جديدا على بيئة الأعمال والمجتمع عموماً، وسيكون لها آثار سلبية في النشاط الاقتصادي الحكومي والخاص، وعلى رفاهية المواطن إذا تم التهوين من مخاطرها، وهو ما يتطلب التحرك مبكراً من القطاعين الحكومي والخاص، حتى لا تتفاقم هذه الظاهرة بشكل يربك النشاط الاقتصادي ويعقد معادلات رسم السياسات الاقتصادية في المملكة، ويدخل الاقتصاد الوطني في دائرة ما يعرف بالسياسات الاقتصادية الانكماشية، التي قد تبطئ معدل النمو، وتضيع فرصة الاستفادة من الطفرة الراهنة لزيادة معدلات النمو، وخلق مزيد من فرص العمل، وتنويع القاعدة الاقتصادية، والإضرار برفاهية المواطن. 2 ـ لا بد من اقتناع أطراف السوق كافة من حيث المبدأ بأن التضخم والارتفاع المعتدل في الأسعار أمران طبيعيان في ظل نمو الاقتصاد الوطني، ولكن يجب أن يكون هناك تناسب بين معدل النمو ومعدلات التضخم وارتفاع الأسعار، بمعنى ألا تؤدي آثار التضخم وارتفاع الأسعار إلى التهام عوائد النمو الاقتصادي. 3 ـ في معالجة ظاهرة ارتفاع الأسعار قد يكون من الأفضل الابتعاد عن التدخل بقرارات تخالف التوجه العام للمملكة نحو آليات السوق والاقتصاد الحر، أو اتخاذ قرارات تدخل الاقتصاد في حالة من التباطؤ، وتؤدي إلى تضييع فرصة الاستفادة من الطفرة الراهنة. 4ـ إن البديل الأفضل، أو حزمة البدائل المثلى للتعامل مع ظاهرة ارتفاع الأسعار هو البديل أو حزمة البدائل التي يمكن للاقتصاد الوطني تحمل آثارها الجانبية في الأجلين القصير والطويل، وهو أمر تقرره الجهات المعنية بالقرارات الاقتصادية على المستوى الوطني باعتبارها أكثر دراية بالمصلحة الاقتصادية الوطنية. 5 ـ إن تعامل القطاعين الحكومي والخاص مع ظاهرة ارتفاع الأسعار يمكن أن يقوم على المحاور التالية: المحور الأول ( في الأجل القصير):السيطرة على الأسعار ومنع ارتفاعها: وقد يكون ذلك من خلال الآتي: أولاً: تبني حملة وطنية لتشجيع شركات القطاع الخاص على المبادرة الطوعية من جانبها بالإعلان عن تخفيضات في أسعار بعض السلع الأساسية، مثل الأرز, اللحوم, الطحين, الألبان, والزيوت، حتى ىلو كانت التخفيضات طفيفة. ويمكن أن تكون الحملة برعاية وزارة التجارة والصناعة، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية. ثانياً: اتخاذ قرار بتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية، وجميع الرسوم ذات الأثر المماثل على السلع الأساسية التي ارتفعت أسعارها، طالما كان هذا القرار لا يضر بمصلحة المنتجين الوطنيين. ثالثاً: أن يقوم المستوردون بتنويع مصادر استيراد السلع التي ارتفعت أسعارها، بحيث لا يتركز استيرادهم من دولة أو دول معينة، والتحول إلى دول يمكن أن تقدم عروض أسعار أقل للواردات التي ارتفعت أسعارها العالمية.

    تعليق


    • #3
      6 ـ البديل السادس: تقليص النفقات الحكومية، وجدولة تنفيذ بعض المشاريع. ويتم ذلك من خلال تقليص النفقات الحكومية المقدرة في الموازنة العامة وخاصة النفقات المخصصة للاستهلاك الحكومي، وكذلك جدولة تنفيذ المشاريع المقررة خلال السنوات المقبلة على فترة أطول، أو تأجيل بعضها. وربما يؤدي ذلك إلى تقليل معدل التضخم من خلال تقليل الطلب الحكومي، وتقليل نسبة السيولة التي يتم ضخها في الاقتصاد، ولكن خطورة هذا الخيار هو خفض معدل النمو المحقق، وتعطيل المشاريع التي تعد أغلبها مهمة للمواطنين، خاصة مشاريع المرافق العامة في مجالات المياه والصحة والكهرباء والتعليم والطرق وغيرها من المجالات المهمة، مما يكون على حساب رفاهية المواطن.

      رؤية شخصية حول آليات التعامل مع ظاهرة ارتفاع الأسعار
      في إطار التحليل السابق، والقراءة المتأنية في أغلب البدائل والأفكار التي طرحت على الساحة للتعامل مع ظاهرة ارتفاع الأسعار في المملكة، وفي ضوء الدروس المستفادة من التجارب الدولية، فإن رؤيتنا الشخصية ـ التي ربما يتفق أو يختلف معها البعض ـ بشأن آليات التعامل مع هذه الظاهرة في الأجلين القصير والطويل تتمثل في الآتي:
      1 ـ ضرورة الاتفاق على أن ظاهرة التضخم وارتفاع الأسعار في المملكة خلال الفترة الأخيرة تعد متغيرا جديدا على بيئة الأعمال والمجتمع عموماً، وسيكون لها آثار سلبية في النشاط الاقتصادي الحكومي والخاص، وعلى رفاهية المواطن إذا تم التهوين من مخاطرها، وهو ما يتطلب التحرك مبكراً من القطاعين الحكومي والخاص، حتى لا تتفاقم هذه الظاهرة بشكل يربك النشاط الاقتصادي ويعقد معادلات رسم السياسات الاقتصادية في المملكة، ويدخل الاقتصاد الوطني في دائرة ما يعرف بالسياسات الاقتصادية الانكماشية، التي قد تبطئ معدل النمو، وتضيع فرصة الاستفادة من الطفرة الراهنة لزيادة معدلات النمو، وخلق مزيد من فرص العمل، وتنويع القاعدة الاقتصادية، والإضرار برفاهية المواطن.
      2 ـ لا بد من اقتناع أطراف السوق كافة من حيث المبدأ بأن التضخم والارتفاع المعتدل في الأسعار أمران طبيعيان في ظل نمو الاقتصاد الوطني، ولكن يجب أن يكون هناك تناسب بين معدل النمو ومعدلات التضخم وارتفاع الأسعار، بمعنى ألا تؤدي آثار التضخم وارتفاع الأسعار إلى التهام عوائد النمو الاقتصادي.
      3 ـ في معالجة ظاهرة ارتفاع الأسعار قد يكون من الأفضل الابتعاد عن التدخل بقرارات تخالف التوجه العام للمملكة نحو آليات السوق والاقتصاد الحر، أو اتخاذ قرارات تدخل الاقتصاد في حالة من التباطؤ، وتؤدي إلى تضييع فرصة الاستفادة من الطفرة الراهنة.
      4ـ إن البديل الأفضل، أو حزمة البدائل المثلى للتعامل مع ظاهرة ارتفاع الأسعار هو البديل أو حزمة البدائل التي يمكن للاقتصاد الوطني تحمل آثارها الجانبية في الأجلين القصير والطويل، وهو أمر تقرره الجهات المعنية بالقرارات الاقتصادية على المستوى الوطني باعتبارها أكثر دراية بالمصلحة الاقتصادية الوطنية.
      5 ـ إن تعامل القطاعين الحكومي والخاص مع ظاهرة ارتفاع الأسعار يمكن أن يقوم على المحاور التالية:
      المحور الأول ( في الأجل القصير):السيطرة على الأسعار ومنع ارتفاعها:
      وقد يكون ذلك من خلال الآتي:
      أولاً: تبني حملة وطنية لتشجيع شركات القطاع الخاص على المبادرة الطوعية من جانبها بالإعلان عن تخفيضات في أسعار بعض السلع الأساسية، مثل الأرز, اللحوم, الطحين, الألبان, والزيوت، حتى ىلو كانت التخفيضات طفيفة. ويمكن أن تكون الحملة برعاية وزارة التجارة والصناعة، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية.
      ثانياً: اتخاذ قرار بتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية، وجميع الرسوم ذات الأثر المماثل على السلع الأساسية التي ارتفعت أسعارها، طالما كان هذا القرار لا يضر بمصلحة المنتجين الوطنيين.
      ثالثاً: أن يقوم المستوردون بتنويع مصادر استيراد السلع التي ارتفعت أسعارها، بحيث لا يتركز استيرادهم من دولة أو دول معينة، والتحول إلى دول يمكن أن تقدم عروض أسعار أقل للواردات التي ارتفعت أسعارها العالمية.
      رابعاً: تقليل الوسطاء كلما أمكن، وقيام المستوردين والتجار بالشراء المباشر من مصادر إنتاج السلع أو المصادر الرئيسية لتوزيعها، وخاصة السلع الغذائية والزراعية. وهو ما يخفض التكاليف المحملة على أسعار السلع عند وصولها للمستهلك.
      خامساً: تشجيع منشآت القطاعين الحكومي والخاص, التي يعمل فيها عدد كبير من الموظفين, على إنشاء جمعيات للخدمات الاستهلاكية، تقوم بشراء وتوفير السلع الأساسية لمنسوبيها بأسعار الجملة.

      المحور الثاني (في الأجل الطويل): وضع استراتيجية لكبح جماح التضخم وارتفاع الأسعار: ويمكن أن تركز هذه الاستراتيجية على ثلاثة محاور فرعية, هي:
      الأول: استهداف معدل تضخم محدد
      يعد الخيار الأفضل في الأجل الطويل استهداف معدل تضخم معين (في الغالب يكون في صورة حد أعلى للتضخم، أو يدور حول رقم معين يكون رقما أحاديا ومنخفضا في حدود 2 في المائة أو 3 في المائة مثلاً) بشرط أن يساعد على تحقيق معدل نمو مناسب (قد لا يقل عن 5 في المائة مثلاً) وهي معدلات تحتاج إلى حسابات دقيقة من الجهات المشرفة على السياسات المالية والنقدية في المملكة.
      وهذا يتطلب سياسة مالية ونقدية قائمة على استهداف معدل للتضخم باعتباره خطرا يهدد الاستقرار الاقتصادي ومعدلات النمو في المملكة. ويتلخص مضمون هذه السياسة في أن يكون معدل التضخم المستهدف تحقيقه هو الإطار العام للسياستين المالية والنقدية، مع الأخذ في الحسبان ألا يكون هو الهدف الوحيد لهاتين السياستين. ومن خلال التجارب الدولية فإن الأمر يتطلب توافر ثلاثة شروط حتى تنجح هذه السياسة في المملكة, وهي:
      أن تعلن الحكومة عن معدل التضخم المستهدف خلال الفترة المقبلة لمجتمع الأعمال وللمواطنين، وذلك حتى تكون حساباتهم بشأن مستقبل استثماراتهم ومدخراتهم وكل أنشطتهم الاقتصادية قائمة على أساس سليم، وتجنبهم مخاطر التضخم المرتفع غير المتوقع.
      الالتزام الصريح من جانب مؤسسة النقد العربي السعودي بتحقيق معدل التضخم المعلن عنه من الحكومة، والمستهدف خلال الفترة المقبلة.
      الإشراف من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي على الإجراءات اللازمة للعمل على تحقيق هذا المعدل المستهدف، وذلك لضمان توجه أدواتها كافة لتحقيق معدل التضخم المستهدف.
      الثاني: تعزيز الشفافية في الإحصاءات
      لا شك أن تعزيز الشفافية أمر مهم، ومن ثم فإن الأمر يتطلب من وزارة الاقتصاد والتخطيط تعزيز الشفافية فيما يتعلق بطريقة حساب التضخم، ودرجة تعبيرها عن حقيقة التضخم في المملكة، خاصة في ظل شعور رجال الأعمال والمواطنين بأن معدل التضخم الفعلي أعلى من المعدل المعلن عنه من الجهات الحكومية. وفي إطار تعزيز الشفافية أيضاً هناك أهمية لنشر تقارير دورية عن معدلات التضخم، وعن القرارات والمناقشات المتعلقة بالتنسيق بين السياستين النقدية والمالية، وأن تتضمن هذه التقارير الدورية تفسيرات مفصلة عندما ينحرف معدل التضخم المحقق عن المعدل المستهدف.

      الثالث: إعداد استراتيجية وطنية للتعامل مع ظاهرة ارتفاع الأسعار العالمية.
      إضافة إلى ما سبق فإن هناك ضرورة لقيام وزارة التجارة والصناعة بوضع استراتيجية عملية، تستهدف التعامل مع مشكلة ارتفاع الأسعار العالمية، بحيث تحقق التوازن بين حماية المستهلك، وعدم الإضرار بالتجار أو الاقتصاد الوطني.
      وفي كل الأحوال وبصرف النظر عن اختلاف الآراء حول الأسباب والحلول، تبقى حقيقة واحدة، وهي ضرورة التحرك سريعاً حتى لا تتفاقم المشكلة، ويتحول التضخم من تضخم زاحف إلى تضخم جامح نكون مضطرين أمامه إلى اتخاذ قرارات اقتصادية مؤلمة، لا قدر الله.

      تعليق

      يعمل...
      X